في حديث مع "المجلة"، أكد خليل نادري، المتحدث الرسمي باسم حزب "الحرية الكردستاني (الإيراني)"، رفض حزبه، ومعه مختلف الأحزاب الكردية الإيرانية، مجموع ما يعرض عليهم عمليا من قِبل عدة جهات وقنوات سياسية، بغية "سحب فتيل الأزمة" مع السلطات الإيرانية، والتي يُمكن تصنيفها إلى ثلاث مقترحات:
القوى السياسية الكردية ترفض تفكيك معسكراتها الحالية، المتوزعة على أكثر من عشر نقاط ومناطق من إقليم كردستان، ونقلها إلى المناطق الغربية من العراق، تحديدا محافظة الأنبار. فذلك الأمر لو حدث، سيكون بمثابة "إبادة سياسية وبشرية"، حسب نادري، لأنه فعليا سيضع الأحزاب الكردية الإيرانية وقيادتها تحت "رحمة" الحشد الشعبي، صاحب السلطة واليد العليا في مختلف مناطق العراق، خلا إقليم كردستان، والحشد مرتبط عضويا بإيران، تحديدا بأجهزته الأمنية والاستخباراتية.
كذلك لأن ذلك النقل سيعني عزل عشرات الآلاف من الأكراد الإيرانيين عن مجالهم الحيوي، الثقافي والإنساني والاقتصادي، سيقتلعهم من بين نظرائهم الأكراد العراقيين. خصوصا وأن غالبيتهم تقيم في هذه البيئات الاجتماعية والاقتصادية الحالية منذ قرابة أربعين عاما، ولم يعرفوا "وطنا" غير مكان العيش الراهن. واستبعادهم هو بمثابة نفي قسري ثان، ونوع من "الإبادة الثقافية والاجتماعية".
يرفض المتحدث الرسمي باسم "حزب الحرية الكردستاني" (الإيراني) كذلك ما يسميه بـ"الحل الألباني"، في إشارة إلى ما تم الاتفاق عليه بين إيران والحكومة العراقية بشأن تنظيم "مجاهدي خلق" الإيراني المعارض قبل عدة سنوات.
وهذا التنظيم السياسي/ العسكري الإيراني المعارض، كان أعضاؤه وقياديوه يقيمون في عدد من المعسكرات ضمن العراق. لكن، وبعد عام 2003، مارست إيران مجموعة من الضغوط السياسية والأمنية والاقتصادية على الحكومة المركزية العراقية، لدفعها نحو تفكيك معسكرات مجاهدي خلق؛ حيث- وبعد سنوات من التفاوض على مستوى العالم- تمكنت الحكومة العراقية في عام 2013 من إجلاء آلاف المقيمين الإيرانيين، من أعضاء ومؤيدي حركة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة إلى دولة ألبانيا، عبر وساطة وإشراف من الولايات المتحدة، ويقيمون حاليا في معسكرات في غرب العاصمة الألبانية تيرانا، لكنهم يتسببون في حدوث قلاقل وخلافات سياسية وأمنية بين إيران وألبانيا، حتى صارت السلطات الألبانية تفرض مجموعة من الشروط الحازمة عليهم، وعلى رأسها منعهم من القيام بأي نشاط قد يُصنف في إيران باعتباره "مسا بالأمن القومي".
يرى نادري أن "الحل الألباني" قد يكون بمثابة تصفية للمسألة الكردية في إيران، لأنه سيحول آلاف السياسيين و"المناضلين" والنشطاء والمساهمين والمشاركين في القضية الكردية في إيران إلى مجرد مغتربين ومهاجرين في المنافي الأوروبية والأميركية، وهو خيار كان متاحا على الدوام أمامهم، لكنه بقي مرفوضا، لأن القضية الأساسية التي بسببها تأسس هذا اللجوء والمنفى، أي القضية الكردية في إيران، ما تزال حيوية وحاضرة في الوجدان العام والخيارات السياسية للأكراد في إيران.
الحال والطرح الثالث متمثل في تفكيك المعسكرات وإزالة "السيادة المحلية" للأحزاب الكردية القائمين عليها، وبعثرتهم على شكل شبكة مؤلفة من مئات من الجُزر السكنية المتناثرة في مُدن وبلدات إقليم كردستان، مقابل الحصول على بعض الحقوق الأولية، مثل بطاقة العمل وبعض المساعدات الطبية والغذائية من المنظمات الدولية، وهو أيضا حل غير مقبول بالنسبة للأحزاب الكردية الإيرانية.
لأنه، حسب نادري، إنما يعني تفكيك القضية الكردية في إيران بالتقادم، والتخلي عن الحقوق السياسية والقانونية لآلاف الأكراد الإيرانية، وذويهم، الذين فروا من أشكال الإبادة السياسية والأمنية والعرقية والطائفية التي مارستها السلطات الإيرانية على المناطق الكردية منذ أوائل الثمانينات، بعد الخلاف الشهير بين آية الله الخميني والحركة القومية الكردية وقتئذ، بسبب موقف هذه الأخيرة من مشروعي "الجمهورية الإسلامية" و"الولي الفقيه"، وتصويتهم بـ"لا" للاستفتاء الذي عُرض لتشريع وتكريس هذين الأمرين وقتئذ، بالإضافة لمطالبة الكرد باللامركزية/ الفيدرالية السياسية والقومية في إيران.