تناولت الحلقة الأولى مراحل تحسن العلاقات بين دمشق وواشنطن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي نهاية ثمانينات القرن الماضي واستمرار الجانب السوري بالعمل على حشد دعم أميركي لإنهاء "تمرد" الجنرال ميشال عون في لبنان.
تنشر "المجلة" تفاصيل المراسلات السرية بين الأسد وبوش وكيف استغل الرئيس السوري غزو صدام للكويت في 2 أغسطس/آب 1990، للحصول على ضوء أخضر أطلق يده في لبنان وأنهى عون وحيّد جعجع، قبل القمة السورية- الأميركية في جنيف في نوفمبر/تشرين الثاني التي مهدت لمشاركة سوريا في تحرير الكويت:
في 4 يونيو/حزيران 1990، وصل مبعوث أميركي إلى دمشق وسلم الأسد رسالة تضمنت بندين، واحدا يتعلق بإيران، والثاني يتعلق بلبنان، ونص الشق الثاني على: "من المحتم أنه من أجل تطبيق اتفاق الطائف يجب على عون أن يتنحى. يجب أن يتوقف كل دعم لعون. في رأينا تستطيع سوريا، إذا أرادت أن تتخذ إجراءات لمنع الإمدادات من الوصول إلى عون".
وعن جعجع، أبلغ مبعوث الأسد مبعوثا أميركيا: "سوريا لن تدعم أي شخص أو فئة لا تقف مع وحدة لبنان والشرعية. وعلى الرغم من وجود فارق بين جعجع كقائد لميليشيات وعون كضابط متمرد فإننا ما زلنا نعتقد أنهما يقفان ضد اتفاق الطائف وضد الشرعية".
وعندما قال المبعوث الأميركي: "نعتقد أن عون هو العقبة الرئيسة ولا بد أن يتنحى، لكن موضوع جعجع مختلف ومن المعلومات التي تصلنا من مبعوثي الهراوي علمنا أن جعجع جاهز لوضع نفسه تحت سلطة الشرعية... ونعتقد أن سوريا إذا أظهرت لجعجع نوعا من الثقة فإن هذا سيكون عاملا حاسما في حل الوضع في بيروت الشرقية"، رد مبعوث الأسد: "معلوماتي أن جعجع مناور بارع".
نائب الأسد: جعجع يناور
يقول نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام، الذي حمل الكثير من الوثائق والأوراق الرسمية معه من دمشق الى باريس في 2005 قبل انشقاقه نهاية العام، إن جعجع "استمر في المناورة أمام ضغط الوضع العام في البلاد والتوجه العربي لدعم الشرعية، لذلك حاول الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب ووضع أكبر قدر ممكن من الألغام، ولذلك بعث إلى الرئيس الهراوي بالرسالة التالية عبر صهره فارس بويز إلى خدام والأسد بتاريخ 6 يوليو/تموز". هذا نصها: "تطبيقا لوثيقة الوفاق الوطني اللبناني وتمشيا مع مبدأ بسط الدولة اللبنانية سلطتها على منطقة بيروت الكبرى تمهيدا لبسطها على كامل الأراضي اللبنانية واستعادة مؤسساتها وتسهيلا لمشروع المصالحة الوطنية الشاملة ولبناء العلاقات المنصوص عليها في اتفاق الطائف بين لبنان وسوريا في إطار سيادة واستقلال كل منهما. تعلن القوات اللبنانية ما يلي:
1 ـ الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني بكافة فصولها وبنودها (...) 2ـ الالتزام بالشرعية وكافة مؤسساتها (...) 3ـ تسهيل تطبيق مشروع المصالحة الوطنية الشاملة (...) 4ـ تسهيل إقامة العلاقات بين لبنان وسوريا المنصوص عليها في وثيقة الوفاق الوطني (...) 5ـ تسهيل تطبيق مشروع بيروت الكبرى... كخطوة أولى مرحلية نحو بسط سلطة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية تتعهد القوات اللبنانية بسحب كافة عناصرها وكافة أسلحتها الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وعتادها العسكري من تلك المنطقة وتحويل ثكناتها ومراكزها إلى مراكز مدنية وسياسية على أن يؤخذ بعين الاعتبار وضع بيت الكتائب المركزي وقيادة القوات اللبنانية وملحقاتها وحمايتهم وطرق الوصول إليهم مرحليا إلى حين الوصول إلى الحل الكامل للميليشيات على كل الأراضي اللبنانية وكل ذلك يتم بالتلازم مع:
1ـ دخول القوى الشرعية إلى مناطق وجود عون في بيروت الكبرى.
2ـ انسحاب مماثل لكافة القوى والتنظيمات المسلحة الأخرى في بيروت الكبرى ما عدا منطقتي الضاحية والمخيمات بصورة مرحلية، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع أو تسرب الأسلحة أو عناصر مسلحة من هاتين المنطقتين أو أية منطقة أخرى إلى بقية أنحاء بيروت الكبرى.
6ـ تسهيلا لإعادة بناء الجيش اللبناني على بسط سلطة الدولة، تتعهد القوات اللبنانية بتسليم الجيش بقيادة العماد (إميل) لحود وقوى الأمن الداخلي كافة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة التي حصلت عليها خلال المعارك الأخيرة، كما تتعهد بتسليم الدولة اللبنانية وإدارتها كافة المعدات التي تعود لها فورا على أن تشكل لجنة مشتركة من الجيش اللبناني والقوات اللبنانية لتحديد مضمون هذا البند".