تتصاعد مشاكل دونالد ترمب القانونية. وكان آخر هذه المتاعب اتهام ولاية جورجيا للرئيس السابق بجرائم التزوير والتآمر. ويأتي الاتهام الأخير بُعيد توجيه لوائح الاتهام الفيدرالية له في تحقيق منفصل حول مساعيه المزعومة لإلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
كما يواجه ترمب 40 تهمة جنائية بشأن سوء التعامل المزعوم مع وثائق سرية بعد تركه لمنصبه، واتهاماتٍ أخرى في نيويورك بتزوير سجلات تجارية لتغطية مدفوعات لشراء صمت ممثلة إباحية قيل إنه كان على علاقة بها قبل رئاسته. ومن الآن وحتى الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2024، من المرجح أن يَمثُلَ ترمب أمام المحاكم عدة مرات، وهناك إمكانية ليس لإدانته وحسب، بل لسجنه أيضا.
ولكن على الرغم من هذه وتلك، لا يزال ترمب المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات ضد جو بايدن. فعلى الرغم من التهم المتعددة، يحتفظ ترمب بالدعم الثابت من قاعدته، ويمكن تصور أنه سيحظى ببطاقة الترشيح. ومن الطريف أن القانون الأميركي يسمح له بالترشح للرئاسة حتى لو أرسل إلى السجن، وهو الأمر الذي يثير احتمالية لا تصدق بأن ترمب قد يُسجن ثم يُنتخب، ثم قد يعفو عن نفسه من العقوبة كي يتولى المنصب. ومن الممكن، بالطبع، أن تُبرئ المحكمة ترمب، ويُنتخب في نوفمبر/تشرين الثاني بطريقة أكثر تقليدية. وعلى أي حال، وبينما يظل بايدن المرشح المفضل حاليا، فهناك طريق معقول يعيد الرجل الذي هزمه بايدن عام 2020 إلى البيت الأبيض.
واعتمادا على الظروف، قد يحمل فوز ترمب معه تأثيرا عميقا على السياسة الأميركية. وبالنظر إلى الطبيعة الخلافية التي تتميز بها شخصية ترمب، فإن إعادة انتخابه قد تثير انقسامات داخلية خطيرة. لكن ما سنناقشه هنا هو ماذا يمكن أن يعني ذلك بالنسبة للسياسة العالمية؟ ففي حين أن فترة ولاية جديدة ستعمل على نطاقين، محلي وعالمي، بشكل مختلف عن فترته الأولى، فإن فترة ولاية ترمب السابقة، جنبا إلى جنب مع تصريحاته منذ ذلك الحين، تقدم جميعها دلائل مفيدة عن مجالات الاستمرار أو الافتراق المحتملة مع نهج القيادة الأميركية الحالية.
تغير المناخ
أحد المجالات التي من المحتمل أن يتغير فيها نهج الولايات المتحدة بشكل كبير سيكون مقاربتها للتغير المناخي. فخلال فترة ولايته الأولى، أعرب ترمب عن شكوكه بشأن التغير المناخي، وهو الأمر الذي انعكس في سياساته؛ إذ قرر ترمب في يونيو/حزيران عام 2017، أي بعد توليه المنصب بفترة قصيرة، الانسحابَ من اتفاقية باريس للمناخ التي كان قد وافق عليها سلفه باراك أوباما. وجاء تبريره على أسس اقتصادية، بحجة أن مثل هذه الاتفاقات تضع الولايات المتحدة في "وضع غير موات على الدوام" مقارنة بالدول الأخرى. وعندما تولى بايدن الرئاسة، انضم مجددا إلى الاتفاقية، وهو الأمر الذي يدل على خط فاصل شديد الوضوح بين المرشحين المحتملين في الانتخابات التي ستجرى عام 2024.
ومنذ مغادرته المنصب، واصل ترمب التقليل من شأن خطورة التغير المناخي. ويشمل خطابه هذا العديدَ من التصريحات التي يحذر معظم علماء المناخ من أنها تجافي الدقة بشكل مطلق. فعلى سبيل المثال، قال ترمب في أبريل/نيسان لشبكة "فوكس نيوز": "عندما أستمع إلى الناس وهم يتحدثون عن الاحتباس الحراري، وأن مياه البحار سترتفع بمقدار 1/8 بوصة في غضون 300 عام... يتحدث دعاة حماية البيئة عن كل هذا الهراء". ولكن شبكة "سي إن إن" تحققت من صحة هذه التعليقات وخلُصت إلى أن مزاعمه ليست "قريبة كثيرا من الدقة". ففي واقع الأمر، يرتفع مستوى سطح البحر بمقدار 1/8 بوصة كل عام، وليس خلال 300 عام. وبالنظر إلى مثل هذه التعليقات، فمن المتوقع أن ينسحب الرئيس ترمب إذا تم انتخابه مرة أخرى من اتفاقية باريس، وأن يسعى إلى مزيد من السياسات التي تتحدى التوافق العالمي المتزايد بشأن التغير المناخي.