كان ينبغي لقائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين، وقد سبق له أن عمل كمزود طعام شخصي لبوتين، أن يكون على دراية بشخصية الرئيس الروسي، الذي يحب أن يكون انتقامه باردا، ولكن في الوقت عينه ساخنا بما يكفي ليكون رسالة واضحة وعبرة.
من المؤكد أن تحطم الطائرة الروسية قد وضع نهاية متفجّرة لملحمة بريغوجين، مع وجود كثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها بعد. لكن الأمر الواضح هو أن تداعيات هذا الحادث سوف يتردد صداها لبعض الوقت في المستقبل.
وبعد شهرين بالضبط من موافقته على إنهاء تمرده الذي لم يدم طويلا، والذي أوصله ورجاله إلى مسافة ساعتين فقط من موسكو، سقطت طائرة بريغوجين من السماء. وذكرت وكالة الطيران المدني الروسية، روزافياتسيا، أن اسمه، ومعه الرجل الثاني في القيادة ديمتري أوتكين، كانا على قائمة الركاب. واعترفت قنوات كثيرة مرتبطة بفاغنر منذ ذلك الحين بوفاة المرتزق الروسي، الذي كان قبل أيام قليلة في زيارة لبلد أفريقي لم يكشف عنه، ونقل عنه وقتها وعده بـ"جعل دور روسيا أعظم في جميع قارات العالم".
وأفاد شهود عيان أنهم سمعوا انفجارا قبل تحطم الطائرة، وأعرب بعض المدونين العسكريين الموالين للحكومة الروسية عن اعتقادهم بأن الدفاعات الجوية الروسية هي التي تقف وراء سقوط الطائرة، بينما تزعم تقارير أخرى قادمة من روسيا أن الحادث قد يكون بسبب انفجار داخل الطائرة مما أدى إلى سقوطها المميت. كلتا الحالتين يمكن أن تتوافق مع الهبوط المفاجئ والحاد الذي يمكن متابعته على منصات تتبع الرحلات الجوية.
ولكن بغض النظر عن الطريقة المستخدمة، تتجه كل الأنظار نحو بوتين، الذي بدا مبتسما وهو يحتفل بالذكرى السنوية لمعركة كورسك، بعد ساعات فقط من قيام طائرة بريغوجين برحلتها الأخيرة وسقوطها الأخير. وبعد يوم من موت رئيس "فاغنر"، اصدر الرئيس الروسي بيانا فاترا مشيرا الى ان بريغوجين كان "موهوبا" لكنه ارتكب "أخطاء خطيرة" اثناء حياته. وكانت هذه هي المرة الاولى في الواقع التي ينطق فيها بوتين اسم بريغوجين منذ تمرد 24 يونيو/حزيران. فمنذ تلك الحركة، امتنع بوتين عن ذكر اسم بريغوجين على لسانه، بل رفض قول اسم زعيم "فاغنر" اثناء خطابات تتعلق بالتمرد ذاته. كانت تلك مقدمات معتادة "لازالة" بريغوجين نهائيا من الوجود.