ربما يكون المسار السياسي لمجموعة "بريكس" هو الأكثر إثارة للاهتمام، في وقت تعمل فيه المخاوف والشكوك المتبادلة على إعاقة التقدم نحو التكامل الاقتصادي والنقدي.
ولا يجادل أي طرف في القوة الاقتصادية للصين، لكن حقيقة تفوقها على أعضاء "بريكس" مجتمعين لناحية حجم اقتصادها الكلي، يترك طعما غير مستساغ في ذائقة قادة الهند، الدولة الأكثر سكانا في العالم حاليا؛ فقبول روسيا بتلقي ثمن النفط والغاز اللذين تصدرهما إلى الصين باليوان (أو "الرينمنبي"، الاسم الرسمي للعملة الصينية)، كطريق للتهرب من العقوبات الدولية على موسكو بعد شنها الحرب على أوكرانيا، ترى الهند فيه خطوة في اتجاه تعزيز النفوذ الصيني وهي التي لم تسوِ حتى الآن خلافها الحدودي مع الصين ولا الكثير من القضايا العالقة بينهما.
يترك ذلك مسائل من نوع البحث في إصدار عملة موحدة للبلدان الخمسة التي تتألف المجموعة منها وإزاحة الدولار الأميركي عن تصدره المكانة المميزة التي يحتلها منذ عقود في الاقتصاد العالمي، مجرد تمنيات لا تُدرك.
وعلى الرغم من ذلك، وعلى الرغم أيضا من التباين في الأنظمة السياسية بين الدول الأعضاء، من ديمقراطية كالهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وأخرى أقل اهتماما بمسائل التمثيل السياسي الداخلي، إلا أنها تتشارك جميعا في الاعتقاد بأن العالم يتغير ويتعين على القوى الصاعدة فيه، وهي في مقدمتها، الحصول على مكانة لائقة تحت الشمس التي تغيب عن الغرب.
الفكرة الكبيرة هذه، التي كانت محركا لبعض المشاريع الأكثر طموحا في العقدين الماضيين، تعرضت إلى انتكاسة جدية قبل أعوام قليلة عندما بدا أن النسيان قد لفّ "بريكس" وأنها لم تعد سوى لقاء سنوي لمجموعة من الرؤساء ليس لديهم شيء أفضل لفعله.