تتضح معالم جديدة للاقتصاد العالمي، بعد أزمة التضخم التي برزت خلال العام الماضي وهدأت قليلا في نهاية الفصل الأول من السنة الجارية. هناك تراجع في معدلات التضخم في الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، وهناك مظاهر انكماش في الاقتصاد الصيني. كيف يمكن أن نقرأ هذه التحولات الاقتصادية وكيف يمكن لاقتصادات دول الخليج مواجهة استحقاقاتها ومنها ما قد يؤدي إلى تراجع الطلب على النفط؟
لا شك في أن هذه التحولات متسارعة، فما بين معدلات تضخم عالية وانحسارها، بعد اتخاذ البنوك المركزية الرئيسة قرارات برفع أسعار الحسم للحد من التمويل، يتضح حاليا أن السياسات النقدية التي اعتمدت على مدى نحو عامين قد أفلحت وأتت بثمارها، على الرغم من أن معدل التضخم لم يتراجع إلى المستوى المستهدف (2 في المئة) من مجلس الاحتياطي الفيديرالي والبنوك المركزية الأخرى. أهم من ذلك، أن أسعار المواد الغذائية تتجه إلى الاعتدال على الرغم من استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، وتوقف صادرات القمح من روسيا وأوكرانيا بين فترة وأخرى.
أهم ما يمكن ملاحظته في المشهد الاقتصادي العالمي، تلك الأوضاع القائمة في الصين. اتخذت الحكومة الصينية قرارات صعبة بعدما ظهرت معالم جائحة كوفيد-19 في مطلع 2020، وذكر آنذاك أن تلك الجائحة مصدرها الصين، أسواقها أو مختبراتها، وتشددت السلطات في إجراءات الوقاية إلى درجة كبيرة، مما عطل النشاط الاقتصادي وحركة البشر. ظلت الصين تخضع لتلك الإجراءات حتى بعدما تحررت دول كثيرة من تأثيرات الجائحة وتعقيداتها. غني عن البيان أن الإجراءات السابقة الذكر، دفعت المستهلكين لتقنين متطلباتهم، مما أدى إلى تراجع الانفاق الاستهلاكي بدرجة كبيرة. يضاف إلى ذلك، أن فرملة حركة المواطنين والانغلاق عطلا عمليات الإنتاج في المصانع وخفضا إنتاجيتها. منذ بداية شهر أبريل/نيسان، من السنة الجارية، بدأت بوادر الانكماش تبرز، ومنها تراجع مبيعات التجزئة، وانخفاض مستويات الانفاق الاستثماري، وتدني المبيعات العقارية، في وقت ارتفعت معدلات البطالة بين الشباب.