في افتتاحية الجزء الأحدث من فيلم "مهمة مستحيلة"، وبعد أن تنطفئ أضواء القاعة مباشرة، يظهر توم كروز برفقة المخرج والكاتب كريستوفر مكويري برسالة شخصية. متقدّما بالشكر إلى الحضور ومؤكّدا أهمية مشاهدة الفيلم على الشاشة الكبيرة، ويختم رسالته بأنهم يصنعون هذه الأفلام من "أجلنا". إنها رسالة لا تختلف كثيرا عن الرسالة التي وجهها في افتتاحية فيلمه العام الماضي "توب غان: مافريك"، الذي أنعش شباك التذاكر خلال الصيف، شباك أصبح معتادا على نجاح أفلام الكتب المصورة وأبطالها الخارقين. لاحقا شاهدنا المخرج الكبير ستيفن سبيلبرغ يصارح توم كروز على السجادة الحمراء بأنه "أنقذ هوليوود، وربما أنقذ مستقبل الإصدار السينمائي للأفلام".
يحدث هذا في وقت رضخ فيه كبار المخرجين لسطوة الاستديوهات ومنصات البث الضخمة، إذ أطلق مارتن سكورسيزي وديفد فينشر فيلميهما "الأيرلندي" و"مانك" مباشرة على منصة "نتفليكس". أما نجوم شباك التذاكر الذين من المفترض أن يتزاحم الجمهور على أفلامهم خلال الصيف مثل دواين جونسون وكريس إيفانز وراين رينولدز، فارتبطوا بمشاريع ضخمة تعرض حصريا على الشاشة الصغيرة، والعديد من الأفلام يقرّر مصير عرضها على إحدى منصات المشاهدة قبل أن تعطى فرصة عادلةبالعرض في صالات السينما حتى.
وسط كل هذه المعارك الخاسرة، لا يزال توم كروز أحد القلائل الذين يحاربون هذا التحول، ومثله نذكر كيانو ريفز مع سلسلة أفلام "جون ويك"، وكريستوفر نولان وكوينتن تارانتينو كأسماء إخراجية لا تزال تجذب الجماهير لشباك التذاكر، مع رفض مستمر لإصدار أعمالهم على منصات المشاهدة الرقمية. يُصر كروز على تنفيذ المشاهد الخطرة بنفسه، يتسلق برج خليفة في دبي، يتعلق بباب طائرة لا يربطه به سوى حبل بسيط، يقفز مظليا من طائرة عسكرية، ويستعمل دراجة بخارية للقفز من منحدر شاهق الارتفاع ليفتح مظلته في التوقيت المناسب حتى يهبط بكل سلاسة. يُجسد كروز المعنى الحقيقي لنجم شباك التذاكر الذي تلاشى بصورة شبه كاملة، تنجح أفلامه بسبب جرأته وطموحه، وبسبب رفضه القاطع الخضوع للعقبات التي توضع في طريقه، هناك تصميم واضح على صنع أفضل تجربة سينمائية ممكنة للمشاهدين سواء كان ذلك عبر مشاهد القتال أو المطاردات أو المشاهد الخطرة التي ينفذها باستمرار.