أطلقت بلادنا في الأسابيع الماضية حملة واسعة لمكافحة مهربي المخدرات ومروجيها، وجاءت تلك الحملة بالتزامن مع ازدياد حالات كشف مواد مخدرة عند المعابر الحدودية، وبعمليات مداهمة أمنية، وتركز الحملة على التصدي لجميع أنواع المخدرات ولاسيما مخدر (الشبو) الذي يعدُّ من أخطر أنواعها.
وتُعرف المخدرات بأنها، كل مادة طبيعية، أو محضرة في المعامل من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية والصناعية أن تؤدي إلى الإدمان، والإضرار بالصحة الجسمية والنفسية والاجتماعية للفرد والجماعة. وفي تعريف آخر هي كل مادة يترتب على تناولها إنهاك الجسم والتأثير على العقل حتى تذهب به.
تهريب المخدرات وترويجها والإدمان عليها تحرمه كل القوانين الوضعية في العالم، وأشهر أنواعها الحشيش، والأفيون، والمورفين، والهيروين، والكوكايين، والقات، والكبتاغون هو الاسم التجاري لمادة منبهة جرى إنتاجها لأول مرة في ألمانيا في ستينات القرن الماضي للمساعدة في علاج اضطرابات نقص الانتباه، والخُدار وهو خلل عصبي يؤثر في قدرة المخ على التحكم في دورات النوم واليقظة، وحالات مرضية أخرى.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها بلادنا لمكافحة المخدرات، أمنيا ووقائيا وعلاجيا وتأهيليا، إلا أن المتابع يلحظ استمرار أنماط التهريب المختلفة، وذلك يرجع في الأساس إلى أن بلادنا إحدى أكثر الدول المستهدفة بقوة، وهو ما تؤكده الوقائع والأحداث بعد الضربات الأمنية المتلاحقة لمهربيها ومروجيها، فما زال أربابها يرسلونها إلى بلادنا بوسائل عدة أشهرها في الآونة الأخيرة داخل ثمار الفاكهة والحلويات.
بلادنا تقود حربا مستمرة على المخدرات وترويجها، لما لهذه الآفة من خطر وآثار مدمرة على المكون المجتمعي في البلاد، وقد حققت إنجازاتٍ باهرةً في التصدي لها
ولا شك أنّ إيران وسوريا و"حزب الله" هم من يستهدفوننا عبر عملائهم في عدد من الأقطار؛ لأن لدى إيران رغبة جامحة في الانتقام من بلادنا بتصدير المخدرات إليها؛ لأنها تعرقل مشروعها المعروف بالهلال الشيعي في البلاد العربية، فهنالك حرب مفتوحة تشنها هي وعملاؤها على بلادنا بتلك الكميات المضبوطة التي لا يمكن أن تقف وراءها حفنة من المهربين. وهنالك عوامل عديدة تساعدهم على استهدافنا، وهي قربنا من مصادر الإنتاج والتهريب، واتساع منافذنا البرية والبحرية! علاوة على استغلال المواسم الدينية التي تمتد إلى معظم السنة، فيتسلل منها المهربون الذين يدّعون القدوم لتأدية شعيرة دينية!
وتذكر مصادر من أجهزة المخابرات في المنطقة أن الكبتاغون يُنتج في مصانع صغيرة على طول الحدود السورية اللبنانية، وكذلك في مصانع أكبر حجما بالقرب من الحدود السورية مع الأردن. وقالت مصادر أمنية أخرى إنه يجري إنتاج بعض الكميات في لبنان، وقد اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي الحكومة السورية بإنتاج الكبتاغون وتصديره، واتهمت ماهر الأسد شقيق الرئيس، بأنه أحد الأشخاص الرئيسين المتورطين في تلك التجارة، وحاولت بعض الدول العربية إعادة العلاقات مع النظام السوري، لكبح جماح تجارة الكبتاغون، لكن تلك المحاولة لم تنجح بالنظر إلى ما تحققه لهم تلك التجارة الموبوءة التي تدرُّ مليارات الدولارات على الاقتصاد السوري.
أما "حزب الله" فبعد انتهاء حرب يوليو/تموز 2006 بينه وبين إسرائيل، قررت قيادة الحزب في البقاع الإتجار بالمخدرات بزراعة الحشيش وحمايته وتوزيعه، وصناعة الأفيون، وقد أغرق الحزب الأسواق هناك بالمخدرات، وقرر نقل التجربة إلى الأسواق الخليجية العربية لإغراقها أيضا.
إعدام مهربي المخدرات حماية للأمن الوطني، فلا تسألوا عن حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالأمن الوطني!
وعلى الرغم من صدور قرار بحظر الواردات من الخضراوات والفاكهة اللبنانية، التي تهرب المخدرات داخل شحناتها؛ إلا أن المهربين يصرون على تهريب المخدرات لأهداف سياسية وتدميرية للشباب السعودي، لأنه لو كان الهدف جني الأموال فقط فهناك وجهات أخرى يمكن التصدير إليها، لاسيما قدرة السعودية على ضبط ما يصل إليها، والقبض على مستقبلي تلك الشحنات. فبلادنا تقود حربا مستمرة على المخدرات وترويجها، لما لهذه الآفة من خطر وآثار مدمرة على المكون المجتمعي في البلاد، وقد حققت إنجازاتٍ باهرةً في التصدي لها، وفرضت عقوبات صارمة على المهربين وصلت إلى عقوبة الإعدام؛ ذلك أن أي مهرب إذا ثبت تهريبه للمخدارات، فليس أقل من القتل عقابا له، وهذا حق من حقوق بلادنا التي تنشد الأمن لنا ولأبنائنا، فليس معنى أن نفتح أبوابنا للوافدين لينعموا بما حرموا منه في بلدانهم، أن يكون لهم مطلق الحرية ليعبثوا بأمننا، لذا يجب أن تُلزم الدول التي يصنع مواطنوها المخدرات ويُهربونها، بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية في مراقبة مواطنيها الذين يمتهنونها؛ فهنالك خطوط حمراء لا نسمح بتخطيها، مسؤولين ومواطنين، وعلى الوافد أن يحترم قوانين البلد الذي استضافه وأطعمه من خيراته ووفر له الأمن والرخاء.
يجب أن تطبق أقصى العقوبات على كل المهربين والمروجين وأن لا تأخذنا بهم رأفة ولا رحمة، فلقد بلغ السيل الزبى، كما لن نسمح بتصدير فوضى- عمت بعض الدول التي أصبحت أسيرة لبلطجة سياسية وحقوقية وإعلامية- إلى بلادنا.
إن إعدام مهربي المخدرات حماية للأمن الوطني، فلا تسألوا عن حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالأمن الوطني!