خصّ الناقد عبدالله الغذامي "المجلة" بهذه الشهادة حول الراحل غازي القصيبي، مضيئا بها على نقطة مهمة في مسيرة القصيبي، وهي مهارته الاستثنائية في التفاعل مع المتلقي. هنا نصّ الشهادة:
نستطيع التفكير بحضور غازي القصيبي الذهني ومن ثم حضوره بين قوسين، أي بوصفه مادة للاقتباس، وهذه هي حالة الاستحضار، وعلامتها أن ذهنية الاستحضار ترتبط بمستجدّات الأحداث، وكلما حدث أمر وتشابه مع حدث سابق، فإن مستلزمات الحدث تتفاعل مع الذاكرة، وهنا تأتي الحاجة لاستضافة قول قديم عن حالة قديمة ليكون بمثابة قول جديد عن حالة جديدة أو هو قول متجدّد يعبّر عن المستجد كما عبّر عن حالته الأولى، وفي حال الاقتباس يكون تماثل الحالة الحاضرة مع الماضية شديدا إلى درجة التماهي الذهني، وفي كثير من الحالات فإن الذاكرة تجنح لتوظيف مخزونها لتواجه به تحديات التعبير، ولقد كان غازي القصيبي تفاعليا بدرجة عالية قبل عصر التفاعلية الذي نعيشه الآن، ولو كان حيا بيننا اليوم لوجدناه من أبرز المغردين حضورا وتفاعلية، ولكنه رحل إلى ربه، وبقي ميراثه من التفاعلية حيا ولم يرحل معه، وهنا يكون حضوره في "تويتر" قويا لأن المادة المستحضرة هي مادة تتماثل مع صيغة التغريد، في بساطتها واختصارها وفي دلالتها المناسباتية، وهذه أسلوبيات تخصص بها غازي ومهر بها بدرجةٍ مدهشة، وسنرى الآن أنه كان يغرد قبل ثقافة التغريد، ليس في شعره فحسب بل أيضا في نظام تفكيره وفي صيغه التعبيرية.