"يمكنهم الآن السيطرة بسهولة أكبر على أفغانستان الضعيفة. ولكن ذلك سيرتد عليهم في يوم من الأيام". هذا ما قاله أحد أفراد قوات الأمن الحكومية الأفغانية في ذلك الوقت في مقابلة أجريت شهر يوليو/تموز 2021 في محاولة لتفسير سبب قيام اثنين من جيران البلاد بدعم بعض فصائل طالبان.
مع التواتر السريع لسقوط عواصم المقاطعات عبر أفغانستان في يوليو/تموز وأغسطس/آب من عام 2021، قال كثير من المسؤولين الأفغان إن كلا من باكستان وإيران كانتا تتوقعان أن تحققا الكثير من المكاسب من خلال سيطرة طالبان. وبعد بضعة أسابيع، وتحديدا يوم 15 أغسطس/آب 2021، تمكنت الحركة من الاستيلاء على العاصمة، وفر الرجل الذي اقتبسنا عنه الكلام السابق مع كثير من زملائه إلى خارج البلاد. ورغم الفوائد التجارية التي حصل عليها البلدان، إلا أنهما عانيا أيضا من تداعيات سلبية. ومن المحتمل أن تؤدي التهديدات الأمنية والنزاعات المائية إلى مشاكل كبيرة للبلدين في المستقبل القريب والبعيد.
في الأسابيع الأخيرة، أفادت وسائل الإعلام بأن قادة طالبان أغلقوا مكاتب "منظمة الإمام الخميني للإغاثة" الإيرانية في عدد من أبرز مدن أفغانستان في شهر يوليو/تموز. وطلب مسؤولون إيرانيون رفيعو المستوى تفسيرا لذلك.
تأسست منظمة الإمام الخميني الخيرية في مارس/آذار 1979 لتقديم الدعم للأسر الفقيرة داخل وخارج إيران ولها فروع في كثير من البلدان بما في ذلك باكستان وأفغانستان وطاجكستان وأذربيجان والعراق.
لم يكن اعتماد إيران على مؤسساتها الثقافية والهيئات الأخرى العاملة في الدول الأجنبية للترويج للثقافة الإيرانية فحسب، وإنما لتعزيز النفوذ السياسي ونشر أفكارها حول الدين والمقاومة أيضا.
أثناء عملي كمراسلة في كابول عام 2015، تحدثت إلى رجل من شيعة أفغانستان، ذكر لي أن مسجد خاتم الأنبياء ومجمع المدارس الدينية في كابول اللذين أسسهما آية الله العظمى محمد آصف محسني كانا يضعان "سياسات خطب الجمعة في المساجد الأخرى عبر البلاد، تركز في الغالب على مواجهة الغزو الثقافي الغربي للبلاد".
ولد محسني في مدينة قندهار، ودرس في مدينة النجف العراقية وعاش لسنوات عديدة في مدينة قم الإيرانية المقدسة. وتوفي عام 2019 ودفن في مجمع خاتم الأنبياء. وكان آية الله العظمى الأفغاني يمتلك قناة "تمدن"، وهي شبكة تلفزيونية شبيهة بالقنوات التلفزيونية الإيرانية التي تديرها الدولة والتي تقدم محتوى دينيا إلى حد كبير، ولا يزال أعضاء من طائفة الهزارة الشيعية يديرونها.
ولكن في يوم الثلاثاء، 14 فبراير/شباط، وفق تقرير للجنة حماية الصحافيين، "داهم حوالي عشرة مسلحين من طالبان مقر قناة تمدن، وضربوا عدة موظفين، واحتجزوهم لمدة 30 دقيقة".
وفي 2010، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن عمر داودزاي، الذي كان رئيس أركان الرئيس السابق حامد كرزاي، كان يتلقى "تدفقا مستمرا من الدعم المالي الإيراني بهدف شراء ولاء السيد داودزاي وتعزيز مصالح إيران في القصر الرئاسي"، وأن هذه الأموال استخدمت لدفع رواتب المشرعين الأفغان وشيوخ القبائل وقادة حركة طالبان.
وفي عام 2015، أفاد مصدر من الجالية الشيعية في كابول بأن إيران شهدت تراجعا في قوتها في التأثير على الحكومة الأفغانيةـ وأن حركة طالبان أصبحت بعد ذلك أداة فعالة لإيران. وفي العام ذاته، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن هناك اعتقادا بأن إيران زادت توريداتها من الأسلحة والذخيرة والتمويل لحركة طالبان، ونقلت عن مصادر قولها إن إيران بدأت في تدريب وتجنيد مقاتلين لصالحهم. ونقلت وسائل الإعلام عن مسؤولين غربيين وأفغان قولهم إن إيران سمحت لطالبان بإنشاء مكتب في مشهد عام 2014. وأضافت أن إيران كانت تدير ما لا يقل عن أربعة معسكرات تدريب لهم.