التغيرات المناخية، الحرب الأوكرانية، الانقلاب العسكري في النيجر، والتهافت على امتلاك الأسلحة الفتاكة في اكثر من منطقة ساخنة، كلها عوامل مساعدة في ارتفاع أسعار عدد من المواد الأولية والاحفورية والاستخراجية المستعملة في إنتاج الطاقة بأنواعها، على الرغم من الضعف الظاهر في أداء الاقتصاد العالمي، المرشح أن لا يصل النمو فيه إلى 3 في المئة في نهاية السنة الجارية.
اليورانيوم الذي يسيطر عليه عدد محدود من المنتجين في العالم، هو من المواد الأولية الاساسية التي ارتفعت أسعارها الى 57 دولارا للرطل في نهاية يوليو/تموز الماضي، بعدما كان السعر يدور حول 33 دولارا قبل عامين. فقد ارتفع الطلب فجأة لأسباب جيوسياسية وجيواقتصادية، لكن العروض لم تتزايد. ويعتبر اليورانيوم من المعادن المتعددة الاستعمالات، ففي إمكانه استخراج الطاقة الكهربائية من المفاعلات النووية، وتوليد الحرارة والبرودة، وتحلية مياه البحر، وتطوير العلاجات الطبية، وصولا إلى الصناعات الحربية، في حال زيادة معدلات التخصيب. وهي تكنولوجيا تكاد تكون محصورة بين دول قليلة جدا، وتمنع تلك الدول تسريب تقنيات التخصيب إلى دول العالم الثالث خوفا من إنتاج أسلحة فتاكة، قد تؤدي الى تسابق تسلح نووي.
ليس سرا إن كانت فرنسا تدافع عن آخر قلاعها في أفريقيا للحفاظ على هذه الامتيازات المعدنية. فالنيجر وحدها تزود نحو 25 في المئة من حاجات المفاعلات النووية داخل الاتحاد الأوروبي، وتشمل 56 محطة في فرنسا وحدها، في وقت تعطلت الإمدادات من روسيا بسبب الحرب والعقوبات، ورفعت أزمة الطاقة أسعار الوقود شتاء، وزاد الطلب على الكهرباء مع ارتفاع درجة الحرارة صيفا، وتقلصت معها هوامش الخيارات الأوروبية منذ عام ونصف العام. حتى نهاية عام 2021 كانت ثلاث دول تمثل 67 في المئة من واردات الاتحاد من اليورانيوم هي كازاخستان والنيجر وروسيا، بحسب المجموعة الأوروبية للطاقة النووية (Euratom).
وبحسب تقديرات شركة كهرباء فرنسا فإن الاحتياطي العالمي من الغاز قد ينضب بعد 63 سنة، والنفط بعد 54 سنة، واليورانيوم بعد 100 سنة، والفحم بعد 122 سنة.