في وقت يواجه العالم تحديات اقتصادية كبرى، تحاول مصر أن تبحث لاقتصادها عن حلول مستدامة، آملة أن تخرج من أزمتها والتحرر من ضغوط الدولار. تطمح القاهرة للانضمام إلى مجموعة "بريكس" باعتبارها أحد أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، لا سيما عقب المتغيرات الاقتصادية العالمية التي تتوالى منذ جائحة "كوفيد-19" وأزمة سلاسل الإمداد، وما تلاها من ارتفاعات في أسعار الطاقة والحبوب، وأخيرا تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية المتدحرجة حتى الآن، ولا يستطيع أحد أن يتوقع موعد انتهائها.
يعدّ سعي مصر للانضمام إلى "بريكس" خطوة مهمة جدا في توقيت صعب للبحث عن بديل من الدولار من خلال إتمام عمليات التبادل التجاري بالعملات الوطنية لكل دولة، أو إصدار عملة خاصة بدول "بريكس"، لربما تسحب البساط من تحت أقدام الدولار، إضافة إلى رغبة بعض الدول الساعية للانضمام إلى "بريكس"، مواجهة الأزمات الدولية، المتمثلة في الغذاء والطاقة والديون والمناخ.
مصر تنضم إلى مصرف "بريكس"
بدأت مصر مسيرتها هذه بالانضمام إلى بنك التنمية الجديد (New Development Bank-NDB) الذي يبلغ رأس ماله 100 مليار دولار، وينظر إليه البعض كبديل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وأصبحت مصر رسميا عضوا جديدا في المصرف الذي أنشأته دول "بريكس" اعتبارا من فبراير/شباط من السنة الجارية.
وافتتحت المجموعة المصرف المتعدد الأطراف للتنمية كبديل من البنك الدولي عام 2015. ويمول المصرف مشاريع تنموية وفي مجال البنية التحتية في دول مجموعة "بريكس" ذات الاقتصادات الناشئة وفي البلدان النامية. ومنذ تأسيسه وافق بنك التنمية الجديد على تمويل أكثر من 90 مشروعا بإجمالي 32 مليار دولار في مجالات مثل النقل وإمدادات المياه والطاقة النظيفة والبنية التحتية الرقمية والاجتماعية والبناء المدني.
ويبدو أن المتغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم حاليا، فرصة أمام مصر للانضمام إلى المجموعة، التي يعتبرها البعض التحالف المضاد والمنافس المستقبلي لمجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، على الرغم من أن المجموعة لم تتحول إلى تكتل اقتصادي وسياسي قوي ينافس الغرب وحلفاءه حتى الآن.
وتنتظر "بريكس" تطورات جوهرية، تحسمها القمة المرتقبة في أغسطس/آب 2023، التي من المنتظر أن تناقش طلبات الانضمام البالغة 19 طلبا، من بينها مصر. ويأمل اقتصاديون وخبراء ومحللون سياسيون في أن يوفر الانضمام فرصا اقتصادية كبيرة، لا سيما على صعيد التنمية والتجارة والاستثمار، حيث تعمل "بريكس" من خلال إحدى مبادراتها على تحويل التبادل التجاري بعملات بديلة قدر الإمكان، سواء أكانت وطنية أو عملة مشتركة يُعمَل على إنشائها. وتبني الحكومة آمالا عريضة للحصول على تمويلات وقروض منخفضة التكلفة وبشروط ميسرة، يمكن معها تخفيف الضغط على الاقتصاد المصري المنهك وتخفيف حدة الأزمة الحالية المتعلقة بتوفير الدولار لاستيراد مستلزمات الإنتاج والتصنيع.