لا يبدو أن ملايين السوريين الذين فروا من بيوتهم خلال الحرب الأهلية سيعودون إلى بلادهم قريبا. فوفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يبلغ عدد السوريين المهجرين في الخارج نحو 6.5 مليون نسمة، يعيش 77 في المئة منهم في الدول المجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن والعراق.
في تركيا، باتت مسألة الهجرة، أو من يطلق عليهم "الأجانب"، حساسة للغاية. ولا ينطبق هذا المصطلح على السوريين المقيمين تحت الحماية المؤقتة فحسب، بل على جميع المهاجرين غير الشرعيين، وبصفة رئيسة الأفغان والأفارقة.
ولكن السوريين يتصدرون المشهد كبند دائم في الأجندة السياسية الضيقة والمعقدة في تركيا لأنهم الأكثر عددا؛ إذ وفقا لإدارة الهجرة التركية، يبلغ عدد السوريين في تركيا 3.3 مليون نسمة، بالإضافة إلى السوريين غير المسجلين والذين لا يعرف عددهم.
ويشعر بعض الأتراك بالقلق من إمكانية تغيير السوريين للتركيبة الديموغرافية في بعض مناطق البلاد وإمكانية تسببهم مستقبلا في اضطرابات اجتماعية مشابهة لتلك التي نشهدها في باريس. كما أنهم يُجادلون بأن الحرب في سوريا انتهت ويجب على السوريين العودة إليها.
أما الآخرون الذين يتشاركون معهم في جوهر هذه المشاعر، فيتصرفون بشكل برغماتي بسبب اعتباراتهم الاقتصادية؛ إذ يشعر أصحاب الأعمال والمنتجون من مختلف المستويات ضمن هذه الفئة بالقلق من فقدان ميزة اقتصادية في حال غادر السوريون، وكذلك الأفغان، الذين يتقاضون أجورا أقل مقارنة بالأتراك وعادة ما يعملون لساعات أطول.
ولا يمكن القول بأن كل الموجودين في تركيا غير راضين عن وجود السوريين فيها؛ إذ تؤمن الفئات الآيديولوجية والمحافظة في المجتمع بأن للسوريين الحق في الوجود بتركيا باعتبارهم إخوة في الإسلام ومواطنين سابقين في "الدولة العلية". وعلى الرغم من أن الرئيس أردوغان بسبب برغماتيته السياسية تجاهل الرأي العام الشعبي، فإنه في واقع الحال أقرب إلى هذه العقلية ذات الدوافع الدينية والتاريخية.