كان غزو العراق للكويت (2 أغسطس/آب 1990) مع التداعيات الكبيرة الناجمة عنه وضمنها حرب الخليج الثانية أو “عاصفة الصحراء” (28/2/1991-17/1)، حدثا مزلزلا على العراق وعلى العالم العربي وعلى القضية الفلسطينية، وضمنها ما يتعلق بالبعد العربي في الصراع ضد إسرائيل.
بالنسبة للعراق، نجم عن تلك التداعيات إزاحة أو إخراج هذا البلد من معادلات الصراع ضد إسرائيل، نظريا وعمليا، والتحرر من ثقل ما يسمى “الجبهة الشرقية” التي باتت تقتصر على الجيش السوري في حينه. وفيما يخصّ تداعياته العربية أيضا، أدى كل ذلك إلى تصدّع النظام السياسي العربي، وتوزعه على محاور متضاربة. وقد فاقم من وطأة هذا التحول أنه مكّن إيران من تحدي هذا النظام، بعد أن أزيح “السد” العراقي من وجهها، علما أنها لم تتمكن من إزاحته في حرب دامية ومدمرة بينهما دامت ثماني سنين (1988-1980)؛ الأمر الذي ستكون له لاحقا آثاره الخطيرة على مجمل بلدان المشرق العربي وحتى الآن.
على الصعيد الفلسطيني، كانت التداعيات كارثية جدا، على القضية والشعب والحركة الوطنية. وتمثل كل ذلك في انحسار الالتفاف العربي من حول قضية فلسطين، وإزاحتها من سلم الأولويات العربية، أو من مكانتها المركزية (المفترضة)، وتاليا انكشاف الفلسطينيين أمام التحديات والسياسات التي تنتهجها إسرائيل، لا سيما أنها مدعومة من قبل الولايات المتحدة التي باتت تهيمن، كقطب أوحد، على النظامين الدولي والإقليمي إثر انهيار وتفكّك الاتحاد السوفياتي (السابق)؛ باعتبار أن الفلسطينيين كانوا في معسكر الخاسرين.
أما التداعيات المباشرة على الوضع الفلسطيني فتركزت في إضعاف المفاعيل التي خلقتها الانتفاضة الفلسطينية الشعبية الأولى (1993-1987)، وتهميش منظمة التحرير الفلسطينية، لا سيما بسبب موقف قيادتها الملتبس من الغزو، إضافة إلى الكارثة المتمثلة في خروج أغلبية الفلسطينيين من الكويت، إبان الغزو وبعده، والذين كان أغلبهم يشكلون سندا لأهاليهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.