أما الولايات المتحدة فاتخذت موقفا أكثر حذرا، حيث امتنعت عن وصف التطور بأنه انقلاب، لكنها علقت برنامجها للمساعدة الخارجية، بما في ذلك التعاون العسكري، وأرسلت فيكتوريا نولاند، ثاني أعلى مسؤول في وزارة الخارجية إلى نيامي لاستكشاف إمكانية إعادة الوضع إلى عهد الحكم الديمقراطي السابق.
روسيا بدورها تبنت موقفا أكثر حذرا، ودعت فقط إلى احترام العملية الدستورية في النيجر في محاولة للتأكيد على أنها لم تشارك في الانقلاب ودعمت وساطة الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، لكنها حذرت من أي تدخل عسكري.
واتخذت الصين موقفا أكثر تحفظا ووصفت الرئيس بازوم بأنه صديق وأعربت عن أملها "في أن تتمتع النيجر ودول المنطقة بالحكمة والقدرة على إيجاد حل سياسي للوضع الحالي".
مؤيد للانقلاب في النيجر يرفع العلم الروسي اثناء مظاهرة في العاصمة نيامي في 11 اغسطس
في المقابل، كان للحكومتين العسكريتين في دولتي بوركينا فاسو ومالي المجاورتين رأي مختلف، وأعلنتا عن تضامنهما مع الانقلاب العسكري في نيامي وأشارتا إلى أنهما ستتدخلان عسكريا إلى جانبها في حالة وجود تدخل عسكري أجنبي.
لكن كل يوم يمر يؤكد أن الانقلاب نجح بالفعل. يخبرنا التاريخ أن هناك نافذة محدودة للغاية لفشل الانقلاب، وعادة ما تكون 48 ساعة، وإذا ما تم تجاوزها، فقد يعني رسوخ الانقلاب، وهو ما حدث بالفعل في النيجر.
من جهتها ردت الحكومة الجديدة في النيجر بشكل قاطع بوقف تصدير اليورانيوم والذهب إلى فرنسا، وألغت اتفاقيات التعاون العسكري والدفاعي التي تسمح بتمركز القوات الفرنسية في البلاد. لكن برز بشكل واضح أن نيامي لم تطلب من الولايات المتحدة سحب قواتها أو إغلاق قاعدة طائراتها دون طيار. في الوقت نفسه، رفضت قبول فرق وساطة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، بينما كان الزعيم الجديد في النيجر، الجنرال تشياني، يتخذ خطوات أخرى لتعزيز سلطته، فاستبدل حكومة الرئيس المخلوع بحكومة جديدة برئاسة علي الأمين زين، الخبير الاقتصادي ووزير المالية السابق.
الآن الطريقة الوحيدة لفشل الانقلاب هي إما التمرد الداخلي أو الانقسامات داخل الجيش. لكن كليهما سيفتح الباب أمام احتمال نشوب حرب أهلية في منطقة غير مستقرة للغاية بالفعل.
الانقلاب في النيجر هو السابع في سلسلة انقلابات تشهدها أفريقيا منذ عام 2020 (مالي- مرتين.. غينيا، وبوركينا فاسو، وتشاد)، هذه الانقلابات حدثت في منطقة الساحل، وهي أفقر منطقة في قارة أفريقيا حيث يتفشى الإرهاب هناك على نطاق واسع.
الأوضاع في مالي وغينيا وتشاد وبوركينا فاسو، أدت إلى تزايد الفقر وجعلته يقترن بالتهديدات الإرهابية، ويشكل معضلة أمنية، تجد الحكومات المدنية صعوبة في معالجتها.
بينما يشترك الانقلاب في النيجر في عدد من الميزات مع البلدان الأخرى في منطقة الساحل التي شهدت انقلابات عسكرية، إلا أنه يختلف في بعض الجوانب المهمة، مما يجعله أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية.
أولا، تعتبر النيجر حلقة حاسمة في عمليات مكافحة الإرهاب التي تقوم بها كل من الولايات المتحدة وفرنسا. تنشر الولايات المتحدة 1100 عسكري ولديها قاعدة للطائرات دون طيار. وتضع فرنسا 1500 جندي في قاعدتين. في الواقع، بعد الاستيلاء العسكري على مالي، أصبحت النيجر الدولة الوحيدة في منطقة الساحل- التي تربط شمال أفريقيا ببقية القارة- التي تتعاون مع كل من الولايات المتحدة وفرنسا في عمليات مكافحة الإرهاب.