كانت الثغور البحرية على مدى التاريخ الإنساني أكثر تطورا وانفتاحا نظرا إلى امكانات التواصل مع البلدان الأخرى من طريق البحر. برزت خلال القرون القليلة الماضية مدن مهمة لكونها ثغورا بحرية، منها نيويورك ولندن وبرشلونة وسنغافورة، ومن المدن العربية الإسكندرية وبيروت والدار البيضاء وعدن وجدة. الكويت، أيضا، برزت من خلال علاقاتها من طريق التجارة البحرية مع الهند ودول الساحل الشرقي الأفريقي. تعتبر البصرة الثغر البحري الوحيد للعراق على الرغم من محدودية ساحلها على الخليج العربي حيث لا يزيد طول الساحل على 58 كيلومترا يمثل 1,6 في المئة من مجموع حدود العراق.
وهي من المدن المهمة في التاريخ العربي وقد تأسست في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في عام 637 ميلادية. واشتهرت بالحكماء وعلماء الدين والتجار الذين استوطنوا فيها وعمروها وأوجدوا مراكز المعرفة والتجارة فيها. تعرضت البصرة لمحن كثيرة على مدى تاريخها الطويل، فحاصرها الفرس في عام 1624 لأسباب اقتصادية بعد نقل البرتغاليين نشاطهم التجاري من هرمز إلى البصرة ومن ثم تمكنهم من السيطرة على تجارة الإحساء والقطيف. وفي عام 1775 تمكن حكام فارس من احتلالها بعد انتشار وباء الطاعون فيها الذي أفنى غالبية سكانها. لكن من بين الأسباب التي دفعت إلى احتلال البصرة، إغلاق شركة الهند الشرقية الإنكليزية مكاتبهـــــا في بوشهر والانتقال إليها. واستمر الاحتلال الفارسي حتى عام 1779 ونجمت عنه مغادرة الكثير من العوائل البصرية المدينة وانتقال عدد منها إلى الكويت.
تأكدت أهمية البصرة لسكان منطقة الخليج، في الكويت والمشيخات الواقعة جنوبها ومنطقة نجد، خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، فأقام العديد منهم في المدينة هربا من المجاعات التي عصفت بعدد من هذه المناطق. كبار تجار الكويت أقاموا مكاتب لهم في البصرة لإدارة تجارتهم مع الهند وبلدان شرق أفريقيا حيث عملوا على تصدير التمور واستيراد التوابل والأخشاب. عدد من هؤلاء التجار استملكوا مزارع النخيل في جنوب البصرة وتمكنوا من جني إيرادات لا بأس بها في ذلك الزمان، قبل بداية عصر النفط. عزز هؤلاء اقامتهم وملكياتهم الزراعية وتصاهروا مع العديد من العوائل البصرية. وكانت البصرة مركزا تعليميا، فانتسب عدد من طلاب الكويت والبحرين وغيرهم من أبناء الخليج في مدارسها، خصوصا في المراحل الإعدادية والثانوية. كذلك كانت المدينة مركزا للتسوق واعتاد الكويتيون في النصف الأول من القرن العشرين زيارة المدينة وشراء احتياجاتهم من مواد غذائية وملابس وسلع قد تكون كمالية في ذلك الوقت، مثل الساعات والمجوهرات النسائية. غني عن البيان أنه على الرغم من تشابه المناخ بين الكويت والبصرة إلا أن تمضية الصيف في تلك المدينة كان أكثر لطفاً نتيجة للخضرة ومياه شط العرب.