ضمن قصة الغلاف لشهر أغسطس/آب، تنشر "المجلة" من الأرشيف تقريراً مميزاً كان كتبه الزميل مطر الأحمدي، تضمن التفاصيل السرية لجلسة مجلس الوزراء الكويتي قبل الغزو العراقي للكويت في 2 أغسطس/آب 1990.
كانت حكومة الكويت على دراية تامة بأبعاد التهديد العسكري العراقي قبل أسبوعين كاملين من الهجوم الفعلي بتاريخ 2 أغسطس (آب)، غير أنها فيما يبدو لم تتوقع غزوا شاملا ولا اتخذت الاحتياطات الحربية اللازمة.
فقد ذكرت صحيفة "الفايننشيال تايمز" اللندنية أنها تمكنت من الاطلاع على ملاحظات كان دوّنها أحد المشاركين في اجتماع وزاري حاسم عُقد يوم 18 يوليو/تموز، وهي تكشف النقاب بصورة غريبة عن حالة الارتباك والحيرة التي سادت الكويت بشأن الدوافع والنوايا العراقية.
ويتضح من هذه الملاحظات التي أوردتها الصحيفة البريطانية أن الكويت كانت قد رفضت في الآونة الأخيرة طلبا عراقيا للحصول على مساعدات قدرها عشرة مليارات دولار، وعرضت بدلا من ذلك تقديم مبلغ بسيط لا يتجاوز 500 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، كما ردت بالرفض على مطلب العراق الداعي إلى شطب مليارات الدولارات من القروض الكويتية التي تلقاها أثناء حرب الخليج.
وفي 18 يوليو (تموز) اجتمع مجلس الوزراء الكويتي لصياغة رده على مذكرة عراقية رسمية تطالب الكويت بمبلغ 2,4 مليار دولار تعويضا عما وصفته مذكرة النفط "المسروق" من حقل الرميلة الواقع على الحدود الكويتية- العراقية.
وكان العراق شدد الضغط فجأة على دولة الكويت في وقت سابق من ذلك الأسبوع، مما حدا بخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية إلى عرض القيام بدور الوسيط بين البلدين. وفي تلك الأثناء كانت واشنطن قد أبدت أولى إشارات حذرة تنم عن استعدادها لدعم حلفائها في الخليج ضد أي عدوان عراقي.
وقد افترض كثيرون أن العراق كان يزيد ضغوطه على الكويت لمجرد أن يضمن قيام مؤتمر "الأوبك" الذي كان مزمعا عقده في جنيف، وانتهى يوم 27 يوليو/تموز، برفع السعر القياسي للنفط وفرض الالتزام بحصص الإنتاج المقررة التي سبق أن خرجت عنها الكويت ودولة الإمارات.
كان أول المتحدثين، حسبما ورد في الملاحظات السالفة الذكر، الشيخ علي خليفة الصباح وزير المالية ووزير النفط السابق. فألمح إلى أن العراق يحاول إنقاذ اقتصاده وإلقاء اللوم على دول الخليج، وتوقع أن لا تتغير لهجة العراق حتى بعد مؤتمر جنيف، بل سيواصل تصعيد حدة المواجهة. واقترح البحث عن حل للأزمة من خلال مجلس التعاون الخليجي الذي يضم كلا من الكويت والإمارات العربية المتحدة وعمان وقطر والسعودية والبحرين، ولا يشمل العراق.
ثم تدخل في الحديث السيد بدر اليعقوب، وزير الدولة لشؤون الجمعية الوطنية، معربا عن رأيه بأن هدف العراق هو ابتزاز المال.