الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومدير المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية، عبدالله الدردري، يرى أن “عالمنا متعدد الأزمات”، ويتضمن أمورا تدعو إلى التشاؤم وأخرى تدعو إلى التفاؤل، وأن “منطقتنا تدرك هشاشتها".
وقــــــال الدردري في حديثــــــه إلى “المجـــــلة” إنه قبــــل أربعــــين ســـــنـــــة كــــانت لــــدى دول أميـــــركا اللاتينيـــــــة وأفــــريقيا وجنــــوب آســـــيا وشــــــرق آســــيا، التحديات الاقتصادية والاجتمــــــــاعيــــة ذاتــــها المـــــوجودة في العــــالم العربي، و“هي تجــــــاوزت هذه المواضيـــــــع ونــــحن في المنطقة ما زلنا تقـــــــريبا نراوح مكاننا”، ذلك أن “تحــــديات التنميـــــة في العالــــم أعادت ترســــيخ فكـــــرة أن المنطقـــــة لم تتحــــــرك كثيــــــرا، تحــــــركت إلى الوراء في كثيـــــر من المحــــــاور ولكـــــــن التحــــــرك إلى الأمــــــام بــــــشـــــكل عـــــام مــــحــــدود للــــغــــــاية".
وتجنب إصدار “حكم أخلاقي” على “الربيع العربي” بعد 12 سنة ويترك هذا لـ“التاريخ”، لكنه يقول: “ما يهم الآن، ألا نعيد تكرار الأخطاء”، لافتا إلى بعض الجوانب الإيجابية بينها وجود “إدراك لحجم المشاكل”.
وتوقف الدردري عند التغييرات الحاصلة في السعودية، مشيرا إلى “التقاطعات” بين رؤية الأمم المتحدة لأهداف التنمية في 2030، و“رؤية 2030” في السعودية.
وهنا نص الحديث الذي أجرته “المجلة” عبر تطبيق “تيمز” في 19 يوليو/تموز:
* تواجه المنطقة العربية تحديات كثيرة. وإضافة إلى التحديات السياسية، هناك تحديات دائمة ومستدامة لها علاقة بالفقر وتحدي الجفاف. ما أولويات “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي”، وما برنامجكم للتعاطي مع هذه التحدياتفي المنطقة العربية؟
- منذ أربعين سنة، تتحدث المنطقة العربية عن تحديات الجفاف والفقر وتراجع فرص العمل وعدم الكفاءة في النشاط الاقتصادي وعدم تنافسية الاقتصادات التي تعاني منها المنطقة. ثم جاء تقرير التنمية الإنسانية العربية الأول في عام 2002 ليضيف لتلك التحديات ثلاثة نواقص أساسية: النقص في الحرية والنقص في تمكين المرأة والنقص في المعرفة.
وقبل أربعين سنة واجهت دول أميركا اللاتينية ودول أفريقيا جنوب الصحراء ودول جنوب وشرق آسيا التحديات الاقتصادية والاجتماعية ذاتها، ولكن معظمها تجاوز تلك التحديات بينما نحن في المنطقة العربية ما زلنا تقريبا نراوح مكاننا، إذ أكد تقرير تحديات التنمية في العالم الذي أصدرته “لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا” (اسكوا) في العام 2022 أن تحرك المنطقة إلى الأمام كان محدودا للغاية بشكل عام، بل إنها تحركت إلى الوراء في بعض المحاور. وهو شيء مؤسف أننا لا زلنا نواجه التحديات ذاتها وأن حواراتنا حول التنمية التي كنا نجريها منذ 30 و40 سنة ما زالت تناقش المواضيع ذاتها.
واليوم نفكر في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كيف يمكن لنا أن نوظف ما ننفقه في المنطقة العربية بما يناهز مليار دولار أميركي سنويا- وهو رقم زهيد نسبيا مقارنة مع احتياجات المنطقة- ليكون عاملا محفزا للتغيير التحولي ولتعزيز الحوار التنموي وتطوير آليات مواجهة فعالة لتلك التحديات، وعلى رأسها تحدي المناخ كأولوية كبرى. فقد يفاجئك أن تعرف أن عدد اللاجئين والنازحين بسبب المناخ على مستوى العالم هو اليوم أكثر من عدد اللاجئين والنازحين بسبب النزاعات، بل إن معظم النزاعات اليوم ترتبط بالصراع على الموارد الطبيعية التي أثر المناخ عليها.
فاليوم لم يعد بالإمكان أن نفكر بشكل منعزل بتحديات التنمية بحيث نناقش الاقتصاد بشكل منفرد والصحة بشكل منفرد والمناخ بشكل منفرد. هذا الكلام انتهى. لذلك نفكر في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كيف يمكن لنا أن نصبح مركزا للتفكير المتعدد القطاعات، بما يُمكّننا من أن نقدم للدول الأعضاء حُزَم التعاون الفني التي تسمح لها بأن تطور مؤسساتها بحيث تكون قادرة على التعامل الفعال مع التحديات الراهنة. فبينما هذه التحديات بطبيعتها مترابطة فإن التعامل معها غالبا ما يتم عبر مؤسسات غير مترابطة، وبالتالي لا يمكن لوزارة ما أن تعالج قضايا مثل المناخ أو التنمية الاقتصادية أو غيرها من القضايا منفردة.