تكشف وثائق ورسائل سرّية، حصلت "المجلة" على نسخ منها، أن الرئيس العراقي صدام حسين بدأ الإعداد لغزو الكويت أغسطس/آب 1990، غداة خروجه من حربه مع إيران بين 1980 و1988.
وأظهرت الوثائق والرسائل، أن صدام عمل على أكثر من مسار: تشكيل مجلس تعاون يضم الأردن واليمن ومصر، التحالف مع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، "تخوين" الرئيس السوري حافظ الأسد ومحاربته في لبنان، تهدئة مع بعض الدول الخليجية واستضافته القمة العربية في بغداد.
لكن المفاجأة، هي إرسال رسائل سرّية، حمل بعضها عرفات، إلى "المرشد" الإيراني علي خامنئي والرئيس هاشمي رفسنجاني قبل غزو الكويت وبعده، تضمنت تنازلات كبيرة لطهران، وقوله في رسالة بعثها لرفسنجاني في منتصف أغسطس/آب: "في قرارنا هذا أصبح كل شيء واضحا، وبذلك تحقق كل ما أردتموه، وما كنتم تركزون عليه".
نشرت"المجلة"، حلقة أولى تتضمن مجلس التعاون، والوساطة اليمنية بين صدام والأسد.
هذه حلقة ثانية وأخيرة، تتضمن نصوص رسائل سرية متبادلة بين صدام وخامنئي ورفسنجاني:
في 21 أبريل/نيسان 1990 بادر صدام بإرسال رسائل سرّية إلى "المرشد" الإيراني علي خامنئي والرئيس هاشمي رفسنجاني، واستمر تبادل الرسائل إلى ما بعد الغزو في 2 أغسطس/آب، بوسائل عدة، عبر رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ومبعوثين شخصيين منهم السفير العراقي في جنيف برزان التكريتي ونظيره الإيراني سيروس ناصري.
تكشف الرسائل والوثائق التي سلمها الجانب الإيراني إلى نظيره السوري وحملها خدام من الأرشيف الرسمي السوري معه إلى باريس، وحصلت "المجلة" على نصها، قساوة اللغة في البداية وصولا إلى حجم التنازلات العراقية التي بلغت قبول جميع شروط طهران وسحب القوات العسكرية من حدود إيران بعد اجتياح الكويت.
كانت الرسالة الأولى لـ"المرشد" علي خامئني والرئيس هاشمي رفسنجاني، في 21 أبريل، يقول صدام فيها: "سبق لي وأن خاطبتكم في مناسبات سابقة، أثناء الحرب، بصورة غير مباشرة عبر وسائل إعلام العراق (...) وكانت آخر مبادرة توجهنا بها إليكم بنية لا ريب فيها إلى تحقيق السلام الكامل والشامل، هي تلك التي أعلناها في الخامس من يناير/كانون الثاني 1990 غير أننا لم نهتد معا حتى الآن إلى ما نرجوه من سلام بين بلدينا لنغادر سوية مآسي الحرب واحتمالات اندلاعها من جديد، وإنه لأمر مفهوم أن تحيط الظنون والهواجس والتفسيرات المتشككة".
وأضاف: "أخاطبكم هذه المرة مباشرة لأقترح عليكم في هذا الشهر المبارك الذي يصوم فيه المسلمون (...) عقد لقاء مباشر بيننا يمثلنا فيه عبدالله صاحب هذه الرسالة، السيد عزت إبراهيم (الدوري) وفريق من معاونينا، ويمثلكم فيه السيدان علي خامنئي وهاشمي رفسنجاني وفريق من معاونيكم (...) لنعمل بعون الله، على تحقيق السلام (ومنع) الفتنة التي وقعت بين إيران والعراق بتجديد الحرب".
وزاد: "إنني لأقترح عليكم، وعلى قاعدة "خير البر عاجله" أن يتم اللقاء في ثاني أيام عيد الفطر المبارك أو في أي موعد آخر يتم الاتفاق عليه. وتسهيلا وتحضيرا لمتطلبات اللقاء، قد ترون مثلما نرى أن يتواجد في طهران من يمثلنا ويتواجد في بغداد من يمثلكم وأن تفتح خطوط الهاتف المباشر بين العاصمتين لتأمين الاتصالات اللازمة".