فاجأت تحذيرات دول عدة لرعاياها من التوجه إلى لبنان ودعوة من هم هناك إلى المغادرة السريعة، فاجأت اللبنانيين الذين سرعان ما بدأوا بنسج الخيالات والنظريات التآمرية عن خلفيات تلك التحذيرات.
لقد طلبت المملكة العربية السعودية من رعاياها مغادرة لبنان على وجه السرعة وحذت حذوها مملكة البحرين، فيما اكتفت الكويت بدعوة مواطنيها في لبنان إلى "التزام منازلهم" وعدم الاقتراب من مناطق الاضطرابات الأمنية. كذلك طلبت الامارات العربية المتحدة من مواطنيها التقيد بقرار منع السفر الى لبنان. أما السفارة الألمانية فحثت رعاياها في لبنان على الاتصال بها وتحديث بياناتهم وأماكن وجودهم والابتعاد عن أي منطقة تشهد اشتباكات.
مفاجأة اللبنانيين تجلت في استغراب كثير من وسائل الإعلام المحلية لتوالي التحذيرات، وذهب البعض إلى حد ربط تحذير الرياض بالاتفاق السعودي- الإيراني والانتخابات الرئاسية المعلقة في بيروت. ورأى آخرون أن ثمة "أمرا كبيرا" يجري الإعداد له وأن التحذيرات استندت إلى معلومات عن قرب توسع اشتباكات مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين لتشمل كل لبنان.
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حاول حصر موجة الذعر التي أثارتها "التحليلات" الإعلامية اللبنانية وصدر عنه بيان بعد اجتماعه بوزيري الداخلية والخارجية جاء فيه: "بنتيجة البحث مع القيادات العسكرية والأمنية، أفادت المعطيات المتوافرة أن الوضع الأمني بالإجمال لا يستدعي القلق والهلع، وأن الاتصالات السياسية والأمنية لمعالجة أحداث مخيم عين الحلوة قطعت أشواطا متقدمة، والأمور قيد المتابعة الحثيثة لضمان الاستقرار العام ومنع تعكير الأمن أو استهداف المواطنين والمقيمين والسياح العرب والأجانب".
لكن رؤية "الوضع الأمني بالإجمال" من قبل السلطات اللبنانية أمر، ورؤيته من قبل الحكومات العربية والأجنبية أمر آخر. وإذا كان هذا الوضع "لا يستدعي القلق والهلع" باعتبار الاشتباكات المسلحة ما زالت تدور في بقعة جغرافية ضيقة هي مخيم اللاجئين الفلسطينيين في عين الحلوة قرب صيدا، إلا أنها تعطي انطباعا لدى المراقبين مختلفا بشدة عما أراد ميقاتي الترويج له.