ما إن وضعت الحرب العراقية - الإيرانية أوزارها في العام 1988، بقرار "المرشد" الخميني، الذي تجرع "كأس السم"، حتى راح الرئيس صدام حسين يُعد العدة لقرار دفع هو وشعب العراق والمنطقة أثمانا باهظة له، وهو غزو الكويت.
"استسلام" إيران، استخدمه صدام للتمهيد لـ"الغزوة" المقبلة. عمل على أكثر من مستوى: إحكام قبضته في العراق، والدخول في حلف رباعي عربي، طمح أن يضم اليمن والأردن ومصر، شن حملة ضد سوريا وخصمه "البعثي" حافظ الأسد، إجراء مناورات تصالحية في الخليج.
أثناء لقائه في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1988 مع وفد من المحامين العرب، تجاهل صدام، بحسب ما يكشف محضر الاجتماع الذي وصل إلى الأرشيف الرسمي السوري، إيران وركّز حملته على الأسد، مكرّرا الاتهامات حول موقفه من الحرب العراقية- الإيرانية والوضع في لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية. وقال: "النظام في سوريا وقف إلى جانب العدو والمحتل الغازي، فلماذا تستبعدون اليمن وتقرّبون سوريا؟ فإذا كان الموضوع يتصل بالشعب والجغرافيا فأنتم لا تقيمون علاقة مع الشعب والجغرافيا وإنما تقيمون علاقة سياسية مع النظام القائم نفسه... هل الناس الذين يحكمون سوريا غيروا تفكيرهم؟ فهذا تفكير وموقف استمر ثماني سنوات (وقوف الأسد مع إيران) وليس أسبوعا لكي نقول إنها غلطة أو إغراء جن، أليس كذلك؟".