أبوظبي: شكلت ذاكرة الطفولة وحكايات الجدات والخليج والصحاري مواضيع لوحات الفنانة الإماراتية نجاة مكي، وهي أول إماراتية تحصل على درجة الدكتوراه في الفن، ومن أوائل الإماراتيات اللواتي أوفدن لدراسة الفن خارج الدولة عام 1977. لتعود أوائل ثمانينات القرن الماضي بعد حصولها على بكالوريوس في النحت البارز والميداليات من جامعة القاهرة، وتنشط في المساحة الفنية وتثبت نفسها كواحدة من رواد الفن التشكيلي في الإمارات.
عن هذه المسيرة تقول نجاة مكي: "بعد التخرّج مارست النحت، وبعد ذلك وجدت أن النحت لا يحظى بالاهتمام الكافي في منطقتنا، إلى جانب أن النحت يحتاج إلى مكان ومساحة كبيرة وأدوات خاصة، فاتجهت إلى الرسم كي لا أتوقف، والرسم أساسا هو جزء من الفنون الجميلة وعادة ما نرسم قبل النحت. ومن خلال الرسم اتجهت إلى النحت البارز عبر الخطوط ومن خلال الظل والنور، وإيجاد نوع من الأبعاد التي تبرز العمل الفني وتظهره مجسما بشكل الخطوط أو باستخدام الخامات مثل العجائن، أو بوضع لون كثيف على اللوحة، وأحيانا بوضع بعض الأوراق التي تكون متلاصقة بطريقة الكولاج فيظهر العمل الفني كأن به سطوحا عالية ومنخفضة ليوحي بالأبعاد. وفي الوقت نفسه يتجاور على سطحه الظل والنور".
أقامت نجاة مكي العديد من المعارض الفردية، من بينها معرض "علامات فارقة" في متحف الشارقة للفنون، ومعارض أخرى في قصر الإمارات في أبوظبي، و"رواق" الشارقة للفنون، ومؤسسة سلطان بن علي العويس في دبي، وشاركت أيضا في العديد من المعارض الجماعية والتظاهرات الدولية، منها ملتقى الأقصر السادس للتصوير في مصر، وملتقى الصين الدولي للنحت، ومعارض أخرى داخل الإمارات وخارجها. وخلال ذلك كله تنقلت بحرية بين المدارس والأساليب الفنية مثل التعبيرية والتجريد: "لا بد من أن يجرّب الفنان جميع الاتجاهات، فقد يقوده مزاجه أحيانا إلى مسار معين ومن خلال هذا المسار تفرض عليه الخطوط والأشكال إيقاعاتها، من خلال عناصر التكوين وأسسه، فيتجه الفنان إلى اتخاذ القرار في ما يطرحه باستخدام الأسلوب الانطباعي أو التجريدي أو غير ذلك من أساليب، وبعد ذلك تأتي عناصر أخرى مثل السعي إلى إيجاد قيمة لونية للعمل الفني، توضع في توازن وإيقاع مدروسين إلى جانب عناصر وأسس أخرى، تُقَوّم العمل الفني، سواء أكان تجريديا أم انطباعيا أم وصفيا، ومن خلال هذه العناصر أو التدرجات يولد عمل فني شبه متكامل يليق بأن يعرض أمام الجمهور".
تستخدم مكي أساليبها المتنوعة للتعبير عما يحيط بها من موجودات، تقول: "البيئة عامة تفرض نفسها على المبدع سواء أكان فنانا أم مصورا أم شاعرا أم غير ذلك، ومن خلال البيئة استقيت أشياء كثيرة، ففي الطفولة سمعت الروايات الشيقة لبعض النساء في بيتنا اللواتي كُنَ يجتمعن مع والدتي، وربما كفنانة وطفلة كان لي في ذلك الوقت خيال واسع وحب للاستطلاع ولما كبرت بدأت هذه الأشياء تكبر معي، ورحت أقرأ أكثر عن الميثولوجيا في مختلف العصور ووجدت أن في كل مجتمع حكايات وأساطير به، وقد سعيت في بعض المعارض إلى تجسيد بعض الرموز البيئية الموجودة في الميثولوجيا في منطقتنا العربية والخليجية من خلال هذه الحكايات والرموز وأنماط الحياة".