بدأت دول الخليج العربية وجمهوريات آسيا الوسطى الخمس تكتشف بعضها بعضا ولو في وقت متأخر. ومع أن المباحثات تدور حول الاستثمارات الاقتصادية وطرق التجارة، فإن سياق هذه العلاقة المستجدة وتوقيتها يشيران إلى مخاوف جيوسياسية.
عُقد أول اجتماع لمجلس التعاون الخليجي وآسيا الوسطى في جدة، يوم 19 يوليو/تموز، وضمّ اللقاء قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست ورؤساء دول آسيا الوسطى الخمس، وهي: كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجكستان، وتركمانستان، وأوزبكستان، حيث ناقش الزعماء تعزيز العلاقات بين المنطقتين، في سابقة هي الأولى من نوعها خلال العقود الثلاثة الماضية، أي منذ غدت جمهوريات آسيا الوسطى الخمس– التي كانت في السابق جزءا من الاتحاد السوفياتي– دولا مستقلة بعد عام 1991. وبينما أقيمت علاقات رسمية بين دول الخليج العربي ودول آسيا الوسطى، وجرى نوع من التعاون الثقافي، فإن هذه العلاقات لم تتقدم كثيرا في واقع الحال.
وفي جدة، ناقش الجانبان مختلف أشكال التعاون، بما في ذلك زيادة وتكثيف الاستثمارات السعودية في آسيا الوسطى والتعاون في تطوير الطاقات البديلة والرعاية الصحية والسياحة والنقل وما إلى ذلك. سوى أن الاهتمام الحقيقي بين المنطقتين هو في الحقيقة التعاون الجيوسياسي والمخاوف الأمنية. لكن هاتين النقطتين لم توضعا على الطاولة وظلت خارج الجدول الزمني للمناقشات الرسمية.
وقد عُزلت دول آسيا الوسطى الخمس عن آسيا الوسطى الكبرى (التي تشمل أفغانستان وباكستان وإقليم شينغيانغ) ومع الشرق الأوسط، بسبب الستار الحديدي الذي فصل الاتحاد السوفياتي عن بقية العالم. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ظلت آسيا الوسطى بسبب جغرافيتها إلى حد كبير، تحت النفوذ الروسي الذي واجهته قوتان رئيستان أخريان: الصين مع مصالحها الاقتصادية المتزايدة، والولايات المتحدة التي نشرت قواتها في المنطقة لمحاربة "القاعدة" وطالبان، بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. استمر هذا الانتشار لمدة عقدين كاملين، وأضفى أهمية جيوسياسية على منطقة غير ساحلية ونائية.