شهدت النيجر، عبر تاريخها الممتد لـ63 عاما، عدة انقلابات ناجحة وأخرى فاشلة. وعلى الرغم من أنها أقل اضطرابا من جارتيها مالي وتشاد، فقد واجهت مجموعة كاملة من الاضطرابات السياسية التي شهدتها دول أخرى في جنوب العالم، من قبيل: حُكم الحزب الواحد، والتمرد القبلي والعرقي، والانقلابات العسكرية ضد الديكتاتوريين، والانقلابات العسكرية ضد الحكومات المنتخبة ديمقراطيا، ورغبة الحكام المنتخبين ديمقراطيا في التحول إلى ديكتاتوريين، وجنرالات فاسدين، وديمقراطيين فاسدين.
ولكن الانقلاب العسكري الذي وقع في 26 يوليو/تموز 2023 والذي أطاح– على الأقل في الوقت الحالي– بالرئيس محمد بازوم المنتخب ديمقراطيا، يبدو مختلفا جدا؛ فقد أعلن الجنرال عبد الرحمن تياني، قائد الحرس الرئاسي، نفسه قائدا للمجلس العسكري الحاكم، والمجلس الوطني لحماية الوطن. وقد أدانت كل من فرنسا، الدولة الاستعمارية السابقة للنيجر، والولايات المتحدة (التي تمتلك قاعدة طائرات من دون طيار بقيمة 100 مليون دولار شمالي البلاد)، والعملاق الإقليمي نيجيريا، أدانوا الانقلابَ بشدة. كما أدانته الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس-(ECOWAS، ودعت إلى إعادة الرئيس المخلوع بازوم، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الانقلابيين، بما في ذلك إمكانية القيام بعمل عسكري ضد المجلس العسكري في نيامي.
وقد واجهت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تحديات متعددة مؤخرا، حيث كان عليها أن تعلق عضوية غينيا (عام 2021)، ومالي (عام 2022)، وبوركينا فاسو (عام 2022) في أعقاب الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها. وثمة الآن تكهنات باحتمال التدخل العسكري لإعادة رئيس النيجر، ربما بقيادة كلٍّ من نيجيريا وتشاد (والأخيرة ليست عضوا في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ولكنها تملك جيشا قادرا)، وذلك بدعم من الأميركيين والفرنسيين. وفي المقابل، لن يكون غريبا أن نرى قادة الأنظمة العسكرية في دول "الإيكواس" الثلاث التي عُلّقت عضويتها يتعهدون بدعم جنرالات النيجر الانقلابيين. ومهما يكن من أمر، فستكون الحرب الفعلية في النيجر بين الكتل المتنافسة المكونة من الدول الإقليمية بمنزلة كارثة.