منذ بداية عصر النفط في الكويت، بذلت الإدارة السياسية جهودا واعية لتحسين مستويات المعيشة والارتقاء بالتعليم والرعاية الصحية للمواطنين والمقيمين في البلاد. الأهم من ذلك، ابتدعت هذه الإدارة سياسات تنموية ومساعدات للدول العربية، وأسست الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية في البلاد العربية بعد الاستقلال مباشرة عام 1961.
استمرت الكويت في العمل على تحسين علاقاتها مع مختلف الدول العربية، بصرف النظر عن توجهات حكومات تلك الدول، وعلى الرغم من الاستقطاب الذي استمر على مدى عقود منذ بداية الخمسينات من القرن الماضي. لكن علاقات الكويت بالعراق كانت تخضع لمعايير مختلفة، وكانت الكويت تحاول دوما أخذ السياسات العراقية في الاعتبار، لكنها كانت واثقة من استقلالها واعتماد الحدود بين الكويت والعراق منذ عام 1932، بموجب كتاب رئيس الوزراء العراقي آنذاك للأمم المتحدة.
وعلى الرغم من التجاذبات التي كانت قائمة في العهد الملكي، إلا أن الأمور كانت تعالج بأساليب دبلوماسية حساسة بعد الانقلاب على النظام الملكي عام 1958 وإقامة النظام الجمهوري، تبعته تطورات سلبية، خصوصا بعد إعلان الاستقلال عام 1961، حيث أقدم رئيس الوزراء العراقي آنذاك، عبد الكريم قاسم، على الادعاء بتبعية الكويت للعراق. لكن التصرف الحكيم لأمير البلاد آنذاك، المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح، واستدعاءه للقوات البريطانية، منع تهور العراقيين ووضع حدا لرئيس الوزراء العراقي ومطالباته. وكانت الدول العربية قد عانت منذ نهاية الأربعينات وأوائل الخمسينات من القرن الماضي من موجة انقلابات عسكرية على الأنظمة التقليدية التي حكمتها بعد نيلها الاستقلال من بريطانيا أو فرنسا.
قدم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وإعلان دولة إسرائيل في مايو/أيار 1948، مبررات للتمرد والغضب، وأسبابا قد لا تكون منطقية للانقلاب على الأنظمة القائمة. نجح العسكريون، الذين ينتمون في غالبيتهم للطبقة الوسطى أو دونها، في استلام الحكم، وتبنوا سياسات متهورة اقتصاديا وسياسيا.