تسيطر على إيران منذ نحو ثلاثة عقود، موجة جفاف حادة، تسببت في ارتفاع معدلات درجات الحرارة وانخفاض كمية تساقط الثلوج وتراجع معدلات هطول الأمطار. وبالتالي تدني مستوى المياه في الأنهار والبحيرات وبرك المياه الطبيعية وخزانات المياه الجوفية وجفاف الأنهار الموسمية والأراضي الرطبة، مما وضعها على قائمة البلدان المرشحة لمواجهة نقص مزمن في المياه، بحلول سنة 2025، علاوة على أنها أساسا، تقع ضمن ما يعرف بالحزام الجاف للكرة الأرضية.
يرى خبراء غير رسميين في مجال البيئة، أن هذا العام، هو عام الفقر المائي في إيران، فالحكومات المتعاقبة على مدى ثلاثين سنة، أساءت إدارة الأزمة، كما أساءت إدارة الوقت، إلى أن أوصلت البلاد إلى هذا الوضع الكارثي. وفي رأيهم أن الأزمة المائية بلغت مستوى الخطر المباشر، على الشعب والنظام معا، وأن نقص المياه، الذي يتمدد على مساحة البلاد، من الأطراف إلى الوسط، لن تكون طهران بمأمن منه، كما يعتقد المسؤولون الحكوميون، وسوف تنفجر الأزمة في الشوارع، عاجلا، وسيكون على النظام، مواجهة موجة احتجاجات شعبية، تنطلق من طهران وتشمل كل المناطق، مرة أخرى- الأولى كانت بعد مقتل مهسا أميني.
وعلى المقلب الآخر، منذ بداية الأزمة إلى اليوم، لم يتخذ النظام أي نوع من التدابير العملية والعلمية للحيلولة دون وصول البلاد، إلى الإفلاس المائي الحالي، ولجأ كالعادة إلى الحلول الاستعراضية، إما باستدراج الأزمات مع الجيران (نهر هلمند مع أفغانستان) علما أن 7 في المئة فقط من المياه في إيران، تتوفر من مصادر خارج الحدود، وإما ببناء السدود العملاقة والقنوات الضخمة لحرف مجاري الأنهار الكبرى، من منطقة إلى أخرى، ولذلك يرى الخبراء أن بناء هذا العدد الكبير من السدود، هو السبب الرئيس لضياع الثروة المائية، وتأتي موجة الجفاف ثانيا.