الرباط: يعدّ الدكتور محمد أسليم من الباحثين العرب الرواد والسبّاقين إلى الاهتمام بالثقافة الرقمية والأدب الرقمي والعالم السيبراني، وكلّ ما يتعلّق بالتحوّلات والتطورات المتسارعة التي تعرفها هذه المجالات. وهذا جزء فقط من اهتماماته المتعدّدة، إذ تنقّل بين حقول كثيرة تمتدّ من الكتابات السردية إلى السوسيولوجيا، ومن الدراسات النقدية والفكرية إلى الترجمة، كما عرف عنه ولعُه بالبحث في ميادين شديدة الخصوصية كالسحر والجنون والموت وغيرها. وهو يواظب منذ سنوات على الحضور المكثف في مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل يومي تقريبا، من خلال تدويناته وآرائه الهادفة إلى تبسيط ونشر كلّ ما له صلة بالثورة الرقمية، وتحديات الذكاء الاصطناعي التي نعيشها اليوم، وانعكاساتها العميقة على فكرنا وثقافتنا وحياتنا بشكل عام. له إصدارات عدة، نذكر منها: "حديث الجثة"، "كتاب الفقدان"، "سفر المأثورات"، "بالعنف تتجدّد دماء الحب"، "ذاكرة الأدب"، "الإسلام والسحر"، "هوامش في السحر"... ومن ترجماته: "الفرنكوفونية والتعريب"، "اللغة والسلطة والمجتمع في المغرب العربي"، "اللغة والأخلاق والسياسة في السياق العربي الإسلامي"، "وداعا جتنبرغ"، "الحداثة والتربية" و"الأدب الرقمي". ولمناسبة المستجدات المتسارعة التي تعرفها تطبيقات الذكاء الاصطناعي هذه الأيام، التقت "المجلة" الدكتور محمد أسليم بالرباط، وكان معه هذا الحوار.
ما رأيك في الطفرة الحالية لبرامج الذكاء الاصطناعي وتنافسها المحموم على جذب الجمهور والتموضع داخل سوق جديدة، بدأت ملامحها في التشكل منذ بداية هذا العام؟
تُفسَّر القفزة الحالية بتطور التعلّم العميق والقدرات الحسابية للحواسيب، وبوفرة البيانات. أما التنافس المحموم، فيُفسَّر باتساع قاعدة مستخدمي الأجهزة الرقمية، لا سيما الهاتف الذكي، وبكون شبكة الإنترنت عابرة للحدود، مما يسمح بتشكل سوق عالمية. هل ستنجح هذه التطبيقات في اقتطاع جزء كبير من السوق الاحتمالية؟ الإجابة تتوقف على المستخدمين، وعلى التشريعات المحلية للبلدان.
ما الذي توفره هذه البرامج الجديدة، وما آفاق استعمالها والإيجابيات التي تحملها مقارنة بما كانت عليه الحال في السابق؟
- ميزات هذه التطبيقات كثيرة مقارنة بالبرامج المعلوماتية التقليدية، منها: أنها تتعلم أوتوماتيكيا دون حاجة إلى برمجة، معالجة اللغات الطبيعية، إذ تستطيع هذه التطبيقات فهم اللغة البشرية وتوليد نصوص، كما في حالة الدردشات المولّدة بالذكاء الاصطناعي، التعرف إلى الصور والفيديوهات، مما يتيح استعمال هذه التطبيقات في مجالات عدة، كالحراسة والأمن وتحليل البيانات الطبية، التوقّع واتخاذ القرار بالاستناد إلى تحليل حشد من البيانات، ولهذا فائدة كبيرة على مجالات كالمال والصحة والأعمال اللوجستية وإدارة سلاسل التموين. ثم التخصيص، بمعنى استعمال البيانات لمنح كل مستخدم تجارب شخصية. وأخيرا أتمتة المهام، إذ يستطيع الذكاء الاصطناعي تنفيذ مهام تكرارية ومعقدة تتطلب من الإنسان وقتا طويلا، ما لم تكن شاقة، وهذا يتيح للمشاريع ربحا على مستوى الفعالية والإنتاجية ويقلص أخطار الأخطاء البشرية.