لا يكاد يمرّ يوم، لا نسمع فيه بدخول الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، إلى مجال جديد من مجالات الحياة العامة، من العلوم إلى الطب إلى الإعلام والثقافة والفنون وغيرها الكثير من المجالات.
وقد انتشرت في الآونة الأخيرة تجارب تُدمج فيها أصوات مطربين في أغاني فنانين آخرين، فوجدنا أغنية للمطربة إليسا بصوت المطربة أنغام، وكذلك سمعنا نسخا متداخلة يحضر فيها صوتا شيرين وأصالة، بل ورُكّب صوت الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، على لحن للمطرب المصري عمرو دياب.
قبل أسابيع فوجئ الجمهور العربي، بإطلاق الملحن المصري عمرو مصطفى مقطعا دعائيا لأغنية من أحد ألحانه بصوت الراحلة أم كلثوم، وهذا ما أثار الجدل بين الجمهور الذي انقسم بين فريق رأى أن عودة السيدة أم كلثوم الى الغناء من خلال استخدام بصمة صوتها، تطوّر مدهش يدعو الى الاستكشاف، في حين رأى فريق آخر في هذا الأمر خرقا لكل القوانين والقواعد، ويمثّل استخفافا بالتراث الفني العربي، وعبثا بالذاكرة الجمعية للشعوب.
ويبدو أن عمرو مصطفى تراجع عن إصدار هذا العمل، بعد تدخل ورثة أم كلثوم، والمنتج الفني محسن جابر، بصفته مالك شركة "صوت الفن"، والمالك الحصري لأعمال الفنانة أم كلثوم، واعتبر الورثة والمنتج، أن هذا العمل، ما هو إلا لعب وتلاعب بالموروث الفني للمطربة الكبيرة الراحلة، وأنه لا يجوز استخدام صوتها، في غناء أعمال ملحنة حديثا.
تفتح هذه الأدوات التكنولوجية الذكية، المجال للمزيد من الجدال حول الموروث الجمعي الفني والفكري، وإلى أي مدى، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي، العبث بهذا الموروث؟ كما تجدّد طرح السؤال حول حقوق الملكية الفكرية للفنان العربي، لا سيما بعد رحيله؟
تعتبر الفنانة اللبنانية أميمة الخليل في تصريحات لـ"المجلة" أننا نشهد حاليا "ترند تدخل الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغنية، واستخدام خامة الفنان وهويته، في غناء ألحان أخرى، قديمة أو حديثة، دون إذنه، وأرى أن هذا الترند لو استمرّ لفترة طويلة، سيؤثر حتما على الذاكرة الجمعية للمجتمعات العربية، ما دام الجمهور لا يعترض، ولا يقول كلمته في هذا الإطار".