لندن: حتى الأربعين من عمره كان فيكتور باسمور رساما واقعيا لكنه قرّر عام 1948 أن لا يكون كذلك، حين انتقل إلى التجريد وتحول إلى حامل لواء الدعوة من أجل تجريد صارم لا هوادة فيه. الرسام البريطاني الذي تقيم "غاليري أميس" بلندن معرضا لرسومه في مراحله الأخيرة كان الناقد والمؤرخ هربرت ريد قد أشاد بتحوله إلى التجريد واصفا خطوته بأنها "أكثر اللحظات ثورية في الفن البريطاني في فترة ما بعد الحرب".
منذ بدء تحوله هذا، بدا واضحا أن باسمور حجز مقعدا لن يغادره إلى جانب كبار التجريديين في تاريخ الفن الحديث. لقد سعى عبر تحولاته الأسلوبية التي تميزت بقوة عصفها، إلى الوصول بالخط والمساحة اللونية إلى خلاصاتهما من خلال التقاط طاقتهما الحيوية الكامنة قبل أن تتبدد. فكان الخط برشاقته وعزلته واكتفائه بجوهره وغناه التعبيري، هو عنوان تجربته التي يغذيها بمساحات لونية غالبا ما تظهر كأنها بقع لونية تنبعث من سطح الورقة وقد انهمك الفنان في إنجاز لوحاته من طريق الحفر الطباعي. شهد الخط ليونة استثنائية على يد هذا الفنان، وهذا ما أهّله للإيحاء بأن هناك أبعادا مجاورة لبعده الوحيد يمكنه من خلالها أن يذهب بالمتلقي إلى تجربة بصرية ساحرة وأخاذة لا تصف جمالا ممكنا بقدر ما تسعى إلى خلق مناخات جديدة لجمال غير متوقع.
يقول بيان الغاليري عن العرض إنه "يشهد لشخصية مقنعة ومهمة للغاية في الفن البريطاني في فترة ما بعد الحرب. سعى باسمور إلى إعطاء صوت لعصر جديد من خلال استكشاف مستمر للخط واللون والتناغم". وهو ما يعني أن الرسام الذي سبق له أن تأثر في مرحلته الواقعية برسوم البريطاني وليم تورنر، قد تجاوز مرحلة البحث عن أسباب مقنعة للقبول بإنسجام يصدر بطريقة متجاوزة عن خيال الطبيعة.