هل سمع أي منكم أن السكان الأرمن في ناغورنو كاراباخ قابعون تحت الحصار الخانق منذ سبعة أشهر الآن؟ أغلب الظن أنكم لم تسمعوا بذلك. ولكن الحقيقة أن المنطقة بأسرها التي يبلغ تعداد سكانها 120 ألف نسمة تعيش تحت الحصار منذ سبعة أشهر. وكلما مر الزمن، تضيق أذربيجان الخناق على السكان، بسبب غياب أي رد فعل دولي يذكر على فعل يمكن وصفه بأنه "جريمة ضد الإنسانية".
ومع ذلك، أصدرت محكمة العدل الدولية يوم 23 فبراير/شباط الفائت أمرا يقضي بأن على أذربيجان "اتخاذ جميع التدابير المتاحة لضمان عدم إعاقة حركة الأشخاص والمركبات والبضائع على طول ممر لاتشين في كلا الاتجاهين". وحتى اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي لا تحبذ الظهور في الإعلام عادة وجهت نداء عاجلا، وطالبت برفع الحظر العاجل عن الوصول إلى كاراباخ ودقت ناقوس الخطر بالقول:
"إن عشرات الآلاف من الأشخاص يعتمدون على المساعدات الإنسانية التي تصلهم عبر هذه الطرق. والآن، يواجه السكان المدنيون نقصا في الأدوية الضرورية والسلع اللازمة للحياة مثل منتجات النظافة وحليب الأطفال، كما أصبحت الفواكه والخضراوات والخبز نادرة ومكلفة بشكل متزايد، في حين تُفقد المواد الغذائية الأخرى مثل منتجات الألبان وزيت عباد الشمس والحبوب والأسماك والدجاج من الأسواق. وكانت آخر مرة سُمح فيها للجنة الدولية بإحضار مواد طبية ومواد غذائية أساسية إلى المنطقة قبل عدة أسابيع".
سوى أن ذلك كله لم يمنع القوات الأذربيجانية من احتجاز قافلة من الشاحنات تنقل 360 طنا من المساعدات الغذائية العاجلة، مرسلة من أرمينيا إلى ناغورنو كاراباخ المحاصرة. هذه المواد تكفي فقط لتلبية احتياجات المدنيين ال120 ألفا الذين تحاصرهم أذربيجان لمدة يومين فقط. وتستخدم القيادة الأذربيجانية تكتيكات الحصار القروسطية لإخضاع السكان المستقلين من أصل أرمني في كاراباخ.
وعلى الرغم من كل ذلك، لم تجد صناعة الإعلام أن مصير ناغورنو كاراباخ وسكانها أمر "يستحق النشر". ناغورنو كاراباخ اليوم هي قطاع غزة الجديد: أرض وسكان يعيشون تحت الحصار، يعاقبون فقط بسبب هويتهم.
الحصار الأذربيجاني خطوة بخطوة
تخضع ناغورنو كاراباخ– أو أرتساخ كما تسمى باللغة الأرمينية- منذ 12 ديسمبر/كانون الأول 2022 لحصار كامل من الجيش الأذربيجاني.
في البداية، في 12 ديسمبر/ كانون الأول، أرسلت أذربيجان قواتها الخاصة ومسؤولين حكوميين متنكرين بزي "نشطاء بيئيين" لقطع الطريق الوحيد الذي يربط كاراباخ بأرمينيا، وبالتالي بالعالم الخارجي، متظاهرين بالاحتجاج من أجل الحفاظ على البيئة. وفي وقت لاحق، في 25 مارس/آذار، انسحب "دعاة حماية البيئة" الأذربيجانيون، ليحل محلهم الجيش الأذربيجاني الذي استولى علنا على مواقع استراتيجية على امتداد ممر لاتشين، مما زاد من إعاقة أي نقل محدود بين كاراباخ وأرمينيا. ولمدة ستة أشهر، لم تظهر القوى الغربية أو روسيا أي معارضة للأعمال الأذربيجانية، ولم تكن هناك عقبة أمام أذربيجان لتشديد الحصار، فأغلق الجيش الأذربيجاني الجسر فوق ممر لاتشين في 23 أبريل/نيسان بشكل كامل من خلال نصب نقطة تفتيش وإغلاق الطريق بكتل خرسانية.