شهدت الجزائر موجة جديدة من الحرائق التي يبدو أنها أصبحت أمرا عاديا بالنسبة لأولئك القاطنين في أعالي الجبال وعلى مشارف الغابات. عائلات يتأرجح قدرها بين الموت والحياة كلما بزغت شمس الصيف. وهذه المرة كان لمناطق شرقي البلاد الحصة الأكبر من الكارثة، أبرزها بجاية وجيجل وتيزي وزو والبويرة وسكيكدة وهي من أجمل المدن السياحية في الجزائر، وبينما يرجح البعض فرضية تأثيرات موجة الحرارة الاستثنائية التي تشهدها البلاد، تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي للحرائق التي استعرت في الساعات الماضية.
وفي الوقت الذي كان فيه السكان يلملمون شتات أنفسهم بعد الحرائق التي أتت على الأخضر واليابس، وأفقدت لآلئ المتوسط بريقها، وخلفت جروحًا غائرة بفقدان 34 قتيلا من بينهم عشرة من عناصر الجيش الجزائري، وألبست البلاد والعباد ثوب الحداد، وخيم السواد على صباح الجزائر للعام الثاني على التوالي، أعلن النائب العام لدى مجلس قضاء محافظة بجاية في الجزائر، أمس الثلاثاء، عن توقيف 14 شخصا مشتبهًا بهم في إضرام حرائق الغابات بشكل متعمد، وأكد أن المشتبه فيهم سيحاكمون أمام العدالة بتهمة ارتكاب أعمال إجرامية، في سيناريو شبيه بالمشاهد التي أدمت قلوب الجزائريين العام الماضي.
ولم تكد تمر ساعة واحدة على بث هذا الخبر، حتى احتلت أخبار مشابهة شريط "عاجل" باللون الأحمر بالقنوات التلفزيونية والمواقع الإخبارية المحلية، وبدأ عدد المشتبه بهم في إضرام الحرائق التي أصابت سكان "الدوار" و"الدشور" وحولتهم بين ليلة وضحاها إلى لاجئين، بدأ في الارتفاع ووصل إلى 22 مشتبها بهم بينهم نساء. وكشف النائب العام لدى مجلس قضاء سكيكدة عن توقيف ثلاثة مشتبه فيهم من بينهم امرأة تم تقديمهم وفق إقليم الاختصاص بمحكمتي القل والحروش.
وفي وقت لاحق، أعلن النائب العام لدى مجلس قضاء بجاية عن توقيف شخصين جديدين للاشتباه في تسببهما في اندلاع حرائق الغابات بالمحافظة ذاتها.
ومنذ أول فتيل اجتاح جيجل وبجاية وتيزي وزو بمنطقة القبائل، أعلن القضاء الجزائري فتح تحقيقات، وأكدت بيانات قضائية أنه في حال ثبت أي تورط جنائي في الحرائق فسيجري توصيف المتورطين بالإرهاب وإحالتهم إلى دائرة مكافحة الإرهاب، وهو ما وقع فعلا، إذ أحليت ملفات المشتبه بهم جميعا إلى قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمحكمة سيدي محمد (وسط العاصمة الجزائرية).