حضرت الأزمة اللبنانية قبل ايام على ثلاثة منابر، الأول منبر البرلمان الاوروبي حيث صدر قرار خاص بلبنان في 12 الجاري، الثاني منبر قصر الصنوبر في بيروت، في خطاب آن غريّو، سفيرة فرنسا لدى بيروت، خلال حفل الاستقبال الذي اقيم فيه بعد يومين لمناسبة العيد الوطني لبلادها، والثالث منبر الاجتماع الثاني للمجموعة الخماسية في شأن لبنان الذي انعقد في الدوحة في 17 الجاري واصدر اعلانا في نهاية الاجتماع.
اللافت في اعلانات المنابر الثلاثة عدم التطرق الى الجانب المالي والنقدي والمصرفي لأزمة لبنان التي صنفها البنك الدولي باعتبارها من اقسى الازمات المالية التي شهدها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر والتي يمكن اعتبارها نوعا من جرائم الابادة المالية genocide financiere التي تستدعي اطلاق تحقيق دولي شامل تحدد فيه المسؤوليات والجزاءات، وايضا سبل المساعدة في استرداد الاموال المهربة الى الاتحاد الاوروبي.
فقرار البرلمان الاوروبي الذي قارب الجانب المالي للأزمة، اكتفى بالتوقف عند افرازاتها وكيف ادت الى سقوط غالبية اللبنانيين في براثن الفقر والتضخم المتصاعد للأسعار، وخصوصا أسعار الحاجيات الضرورية من كهرباء وغاز ومياه وغذاء واستشفاء، كما تسببت في تدهور المؤسسات مما رفع اعداد المهاجرين الى معدلات قياسية. وركّز قرار البرلمان الأوروبي على الانتخابات التشريعية الاخيرة في يونيو/حزيران 2022 التي خسر فيها "حزب الله" وحلفاؤه الأغلبية النيابية، ونجم عن ذلك ترشيح نجيب ميقاتي مرة أخرى لتشكيل حكومة جديدة تحولت الى حكومة تصريف اعمال بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون لعدم التمكن من انتخاب رئيس جديد للبلاد بسبب استخدام "حزب الله" وحركة "أمل" و"التيار الوطني الحر" وحلفائهم تكتيكات غير دستورية في جلسات الانتخاب لعرقلة التصويت، وذلك بالانسحاب بعد الجولة الأولى من الاقتراع ومنع انتخاب مرشح المعارضة.
توازنا، نجح الفريق المعرقل ايضا في تمرير قانون في المجلس النيابي بتأجيل الانتخابات البلدية لمدة عام، متذرعا بنقص الاموال مما ادى الى تفاقم الشلل المؤسسي.