في وقت يترقب الجميع في تونس موعد 25 يوليو/تموز الذي يتزامن مع مرور عامين على دخول البلاد مرحلة انتقالية جديدة كانت لها ارتدادات واضحة اقتصاديا وماليا، بعد إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد إقالة الحكومة وتجميد عمل البرلمان، صار الحصول على قرض إنجازا وسط حالة الانشغال العامة والقلق اللذين يخيمان على البلاد مع استمرار تدني الاوضاع والخدمات والنقص الكبير في المواد الأساسية والأدوية. آخر المبادرات، القرض والهبة الممنوحان من المملكة العربية السعودية (500 مليون دولار) اللذان تم إعلانهما خلال زيارة وزير المالية السعودي لتونس الأسبوع المنصرم.
لماذا بات الحصول على قرض من الأخبار الرئيسة في تونس وكيف أصبحت له مثل هذه الأهمية؟
يعود السبب في الأساس، إلى صعوبة الحصول على تمويلات خارجية في ظل تعطل إبرام اتفاق قرض قيمته 1,9 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي. وكانت النتيجة مزيدا من تعقيد حال المالية العامة، مما وضع السلطات أمام معادلة صعبة: إما تسديد الديون المستحقة تفاديا للمرور بـ"نادي باريس" ودوامة إعادة جدولة الديون، أو في المقابل، توفير المواد الأساسية والأدوية والمحروقات. وقد أشار وزير الخارجية التونسي وليد عمار ضمنيا إلى هذه التحديات، عبر تأكيده في تصريحات أن التحديات التي تمر بها تونس تعجز دولة عن مجابهتها بمفردها. لم يُجانب عمار الحقيقة في تصريحه هذا، إذ يكفي أن نُذكّر بأن خزينة الدولة شبه الفارغة في حاجة إلى ستة مليارات دينار (قرابة ملياري دولار) خلال الأشهر الخمسة المقبلة لتسديد ديون حان أجلها، تضاف إليها قرابة أربعة مليارات دينار (نحو 1,3 مليار دولار)، بحسب تقديرات خبراء، لاستيراد الحبوب فقط بعد توقعات بارتفاع كبير في أسعارها.
عجز عن تأمين الموارد للموازنة
وعجزت تونس، منذ بداية السنة الجارية، عن تأمين الموارد المالية الملحوظة في موازنة الدولة لسنة 2023 كديون خارجية، ومن بينها قرض سعودي بـ 1,3 مليار دولار، لغياب برنامج إصلاحات مع صندوق النقد. لذلك، يمكن القول إن اتفاق القرض السعودي الميسر يمثل نقطة تحول ستكشف التطورات المقبلة، إن كان في اتجاه استئناف المفاوضات مع صندوق النقد على قاعدة برنامج جديد، أو تعديل في الاتفاق الموقع على مستوى الخبراء منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أم أن الأمر يتعلق بتحرك "الأصدقاء والشركاء" لتمكين الدولة التونسية من إيفاء التزاماتها في سداد ديونها الخارجية من جهة، ومن توفير جرعات أوكسيجين تبقي بعض الاستقرار في تزود الحاجات الحياتية من جهة أخرى، بما يحول دون حدوث انهيار اقتصادي ومالي، سيترافق بالتأكيد مع انفجار اجتماعي.