شهدنا للتو حدثا نادرا في السياسة البريطانية؛ إذ جرت ثلاث عمليات انتخابية فرعية متزامنة. وقد تغري المتابعَ رؤية التصويت فيها باعتبارها مؤشرا على الانتخابات العامة التي من المُفترض أن تجرى بحلول يناير/كانون الثاني من عام 2025.
جرت إحدى هذه الانتخابات المحلية في دائرة أوكسبريدج ورويسليب الواقعة غربي لندن، لانتخاب بديل لرئيس الوزراء السابق، بوريس جونسون الذي آثر الاستقالة بعد إدانته بالكذب على البرلمان. وتبع ذلك استقالة ثانية لأحد زملائه الذين مثلوا دائرة سيلبي وآينستي. وجرت الانتخابات الفرعية الثالثة غربي البلاد، على مقعد سوميرتون وفروم بعد تعليق عضوية أحد أعضاء البرلمان من حزب المحافظين بسبب مزاعم تتعلق بسوء السلوك الجنسي.
وثمة انتخابات فرعية رابعة تحوم في الأجواءأيضا، بسبب تهديد الوزيرة السابقة نادين دوريس بالاستقالة، لكنها تتردد حتى الآن في تقديم استقالتها. ومع ذلك، قد يحمل هذا الأمر المرء على الاعتقاد بأن ثلاثة انتخابات فرعية كانت أكثر من كافية لإعطاء الجميع لمحة عن الوضع السياسي في البلاد والتنبؤ بمن سيحدد مسار الأجواء السياسية.
للأسف ليس الأمر كذلك؛ إذ يتضح أن المناخ السياسي يتصف حاليا بعدم الاستقرار بنفس درجة عدم استقرار الأجواء الحقيقية، وعلى حد تعبير جون كرايس، الكاتب الساخر في صحيفة "الغارديان" فإن "الفائز هو... الجميع بالتأكيد".
بالطبع، تعبيره ليس صحيحا تماما. فقد تمكن المحافظون، وهم الحزب الحاكم والذين كانوا يخشون خسارة المقاعد الثلاثة جميعها، من البقاء (بفارق أكثر من أربعمئة صوت) في مقعد جونسون القديم، وذهب خليفة جونسون في رئاسة الوزراء، ريشي سوناك، إلى هناك، للاحتفال بالفوز الشهير. والمتسبب في خسارة المقعد، وفقا لحزب العمال، كان خطة مثيرة للجدل لفرض رسومٍ على السائقين الذين كانت سياراتهم مُلوِّثة للغاية. وقد أثارت الخطة، والمعروفة باسم منطقة الانبعاث المنخفض جدا (ULEZ)، استياء شديدا في صفوف الناخبين. وعلى الرغم من أن فكرة إنشاء منطقة الانبعاث المنخفض جدا تعود في واقع الأمر إلى جونسون نفسه عندما كان عمدة لندن، إلا أن اللوم كله وقع على كاهل العمدة الحالي، صديق خان– وهو عضو في حزب العمال– وقد شارك زعيم حزب العمال، كير ستارمر، في هذا، حين قال إن خان سيضطر لـ"إعادة التفكير" في منطقة الانبعاث المنخفض جدا.