كتاب "الساردون الجدد" الصادر عن "رف للنشر" هو أولى ثمار "مجتمع سرد" الذي أسّسه قبل نحو سنتين الروائي والقاص السعودي محمد الأحمدي. كانت البداية مع تغريدة، يقول الأحمدي: "كتبت حينها في تويتر ما معناه: أنا كاتب، أشعر بالوحدة، هل هناك كتّابٌ مثلي؟ وتفاجأت بكمية التفاعل، فقرّرنا إنشاء مجموعة كتّاب بدأت بخمسين كاتبا، ثم توسّعنا حتى وصلنا حاليا إلى مئات الكتّاب".
أطلق "مجتمع سرد" مسابقة للقصة القصيرة، وعلى الرغم من عدم تخصيص جائزة مادية، شارك المئات فيها، وبعض أفضل تلك القصص هي التي ضمّها كتاب "الساردون الجدد"، وعن ذلك يقول الأحمدي: "تواصل معي الكاتب إبراهيم آل سنانرئيس التحرير في ’رف للنشر’ وأبدى إعجابه بالمجتمع وبالكتّاب الشباب، وعرض تدشين القصص الفائزة في كتاب منشور بعد قراءته المشاركات".
يضم "الساردون الجدد" ثماني قصص لثمانية كتّاب، من بينهم محمد الأحمدي الذي يشارك في قصة "سائق الوايت" ويتناول فيها شخصية قاتل مصاب بعقد نفسية تجعله يرتكب جرائمه على خط سفر مكة – الرياض.
أما بندري الشمري فاعتمدت في قصتها "أكتب أو لا أكتب" على الحوار الداخلي، الذي يتسيده سؤال يتحدّى الكاتب المبتدئ وهو: "هل هذا يعني أن الكتابة مقدر لها أن تكون مهنة ثانوية؟"، لتجيب: "أمسكت بقلمي، سلاحي الوحيد وكتبت قصتي مع الكتابة كهدف قد قمت باقتناصه، وما هو إلا بداية لمعركتي الطويلة في أن أظل أكتب غير عابئة بما سأواجه".
تتناول لينا الشمري الحب من خلال قصتها "قلق"، متسائلة فيها "كيف يمكن للحب أن يُنسى وتتم السيطرة على القلق المصاحب له؟"، لتردّ: "هذا ما واسيت به نفسي وأنا أراني أعود إليه بعد أن ردمت السبل وقطعت الطريق، مرتدية ثياب النهاية حاملة في يدي بتارا حددت ثناياه بعناية قطعت به رجلي اللتين سارتا إليك عني".
في حين ذهبت زهور العسيري في قصتها "مذكرات مُنهك" إلى الحديث عن فتيات العائلة اللواتي يمُتن في حوادث مؤسفة. "وكأنما حلت... لعنة ما، ولا نعرف ما سببها" وهذا ما جعل إخوة هاجر يتمنون إنجاب فتاة، لتنكشف ذات يوم الحقيقة التي تذكّرنا بعصور الجاهلية حيث تبين أن ابنة أخيها حسام المولودة حديثا تتعرض للقتل، إذ سمع حسام صوتا في الخارج. فتبع الصوت ليجد أخته هاجر تحفر حفرة فيراقبها مصدوما "وضعت ابنتي الباكية في تلك الحفرة وحملت أداة الحفر رغبة في دفنها". يتم إدخال الأخت إلى مصحة نفسية بعد تشخيص إصابتها باكتئاب حاد نتيجة تعرضها لتعنيف شديد من أسرتها وهذا ما دفعها إلى قتل الفتيات من أجل حمايتهن.