طوّرت البشرية، خلال تاريخها الطويل، أدوات القتل، التي بدأت بالسلاح الأبيض مرورا بالقنبلة اليدوية والدبابة والطائرة، وصولا إلى القنبلة الذرية، التي اعتقدنا بأنها قد تكون السلاح الأخير الأكثر فتكا والأشد دمارا، ولا شيء بعده.
لكن هذا الاعتقاد راح يتبدّد مع تسلل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى مختلف الميادين ومن بينها "ساحات الوغى"، وهو تعبير مجازي لم يعد يعكس جوهر الحروب في العصر الحالي التي تدار من غرف عمليات بعيدة آلاف الكيلومترات عن جغرافيا المعارك، التي قد تكون كهفا في قندهار، أو قبوا في إدلب السورية، أو أرصفة مطارات أو موانئ في هذه الدولة أو تلك.
مع الذكاء الاصطناعي تغير تماما شكل الحروب التقليدية، على نحو يمكن معه القول إنّ تلك الساحات تحولت إلى "شاشات مضيئة" تتحكم بمجريات المعركة عن بعد، إذ ظهرت الطائرات المسيرة، التي تنفذ مهامها دون "طيار"، والقوارب المسيرة التي تقتحم مياه العدو الإقليمية، دون وجل، وبدلا من كتيبة الاستطلاع، تستعين الجيوش حاليا، بأجهزة حديثة تستكشف وتستطلع الأرض والبحر والسماء، وتعود بأفلام مصوّرة عن انتشار جيش الخصم ومواقعه، وتقترح حلولا لمواقف معقدة، ومثل هذه التقنيات قلّصت الخسائر البشرية للجيش الذي يملكها، وكبدت الطرف المقابل خسائر موجعة، في المقابل، كما يروي أحد عناصر البحرية الأميركية في الوثائقي "المجهول: روبوتات القتل"،Unknown: Killer Robots للمخرج جيسي سويت، الذي بدأت منصة "نتفليكس" بعرضه أخيرا.
ولأن الذكاء الاصطناعي يملك قدرات خارقة وغير محدودة، تفوق إمكانات البشر، فإن ذلك شجع الدول على المزيد من التطوير، كي تكون الرقم الأول. ففي العرف العسكري "لا أحد يفوز بالمركز الثاني في الحروب"، ومن هنا ظهرت تقنية جديدة متمثلة في اختراع روبوت مسلح، فائق الذكاء، يأخذ قرار قتل شخص ما بنفسه، في المواقف الطارئة والصعبة، من دون أي تدخل بشري.