أينما حضرت السينما السودانية، اتجهت إليها الأنظار. يُمكننا أن نصل إلى هذه الخلاصة، كلما رأينا الإقبال الجماهيري على العروض العامة للأفلام السودانية. منذ "ستموت في العشرين" للمخرج أمجد أبو العلاء الذي صدر عام 2019، وكان أول فيلم سوداني روائي طويل بعد عشرين عاما من الغياب، والجمهور العربي ينتظر أن يشاهد أفلاما لصُناع شباب سودانيين، يحكون همومهم وأحلامهم، ويقدمون رؤاهم التي حُرمت منها السينما العربية، وربما آن الأوان لأن تحتل مكانها الطبيعي في المشهد.
على الرغم من الصراع المسلح الدائر حاليا في السودان، والمعاناة التي يعيشها الشعب جراء الحرب في الداخل، أو الأوضاع الصعبة للاجئين في الخارج، تأتي فعالية "هنا السودان" التي أطلقها المعهد الفرنسي في القاهرة، يومي 10 و11 يوليو/ تموز، احتفاء بالثقافة السودانية و"تضامنا مع الفنانين السودانيين وترحيبا بهم" كما جاء في البيان الصحفي. وقد ضمّت الفعالية معرضا للفنون البصرية وندوة أدبية وحفلا موسيقيا، جنبا إلى جنب برنامج عروض لأربعة أفلام سودانية قصيرة في قاعة سينما المعهد الفرنسي، وهو ما يُركز عليه هذا المقال.
عماد مبروك القيِّم الفني الذي ساعد في اختيار هذه الأفلام القصيرة للعرض ضمن برنامج "سينما المنيرة"، يقول: "فاضلنا بين أن نعرض فيلما سودانيا طويلا، أو أن نعرض عدة أفلام قصيرة، وفي النهاية ملنا نحو الاختيار الثاني لأنه يضمن تنوعا أكبر في العروض".
وبالفعل تنوّعت الموضوعات التي تتناولها هذه الأفلام، وكذلك الأساليب الفنية، والرؤى السينمائية، وحتى الأغراض التي من أجلها صُنعت. فالأول "مَرَا" هو مشروع تخرج واعد من إنتاج عام 2019 للمخرج محمد خليل يحمل قوة تعبيرية كبيرة على الرغم من قصره الزمني الشديد، والثاني "نيركوك" إنتاج عام 2016 هو للمخرج محمد كردفاني صاحب فيلم "وداعا جوليا" الذي مثّل السودان للمرة الأولى في تاريخ مهرجان "كان" هذا العام، والثالث "رحلة إلى كينيا" وهو فيلم تسجيلي من إخراج إبراهيم سنوبي تتبع فيه الكاميرا رحلة مجموعة من الرياضيين إلى مدينة نيروبي لتمثيل السودان في المسابقة الرياضية ومن إنتاج عام 2020، أما الرابع "إيمان" فهو عمل توعوي بشأن علاقة المجتمع السوداني بالإرهاب، ومع صفته التوجيهية لم يبخل علينا بالحكايات ولا الشخصيات التي ظهرت مكتملة سينمائيا، الفيلم مستوحى من أحداث حقيقية، ومن إخراج لمياء البيطار وإنتاج عام 2017.