يبدو أن المشهد الثقافي في لندن يشهد كثيرا من الأحداث. لكن كاتب هذه المقالة لا يستطيع التواجد في كل مكان للأسف، لذا تخيّلوا استيائي عندما رأيت صور المشاهير المتجمّعين في معرض اللوحات الوطني أخيرا، بمناسبة إعادة افتتاحه. كانت هناك كيت ميدلتون، المعروفة أيضا باسم أميرة ويلز، تتحدّث مع السير بول مكارتني. وكانت هناك الفنانة البريطانية الدائمة الشباب تريسي إمين، التي تزيّن لوحاتها المخصّصة للنساء أبواب المعرض حاليا.
وكان هناك، متنكّرا بزيّ "كلير" – وهي عرّابة جنّية ترتدي زي فتاة صغيرة - الفنّان غرايسون بيري الذي يحبّ أحيانا ارتداء تلك الملابس بين الحين والآخر. عندما طُلب منه التعليق على المناسبة، أشار إلى أن الجميع مشغولون بالهوية في الوقت الحاضر. ثم أضاف، بقهقهة استخفافية، أننا جميعا نريد أن نظهر كم نحن أفراد فريدون. بدا ذلك مستغربا من رجل حاول جاهدا أن يميّز نفسه عمن تبقّى منا، ومع ذلك بدا في أثناء فترة الإغلاق خلال كوفيد 19، صادقا في تشجيعه لنا نحن الفنّانين الهواة الخاضعين للإقامة الجبرية المؤقّتة في المنزل. ولعل كلير يتصرّف بخبث فحسب.
ربما تتساءل أين كنت حينما حدث كل ذلك؟ فلندن لا تبعد إلا مسافة قصيرة بالقطار عن بيتي الريفي، لذا أسعى إلى حدٍّ ما لأظلّ على اطلاع عما يحدث فيها. وكان عليّ التواجد هناك، بين المواهب والأسماء الكبيرة. لا أحد يتأثّر بالخوف من أن يفوته شيء أكثر مني، لذا يؤلمني الاعتراف بأنني كنت في المدينة، إنما في المكان الخطأ. لم أكن أسعى وراء البريق الزائل للأثرياء والمشاهير، بل كنت أمضي الوقت مؤخّرا في أماكن دون الجودة المتوسّطة، في معرض هَيوارد ذات يوم متطلّعا للخروج بحصيلة "إيجابية" بشأن أزمة المناخ - أعلم، أنها ليست قضية سهلة للجميع - وفي "متحف فيكتوريا وألبرت" في اليوم التالي متفحّصا الملابس المبهرجة للديفات (Diva لقب يطلق على المغنيات الشهيرات لكنه بات يشمل كلّ الفنانات اللواتي يحققن مكانة فنية عالية). في هَيوارد، يستطيع المرء أن يشاهد شجرة ميتة مائلة بزاوية تنذر بالخطر، ومعلما مائيا، ومجموعة من عيون الطيور التي ترمقنا بنظرة اتهامية.
وفي وسع المرء أن يشاهد أيضا فيلما عن قبيلة أمازونية تهاجم المنقّبين عن الذهب الذين يدمّرون بيئتهم وطريقة حياتهم. وقد يكون ذلك خبرا جديدا على من لا يدركون ما يجري في العالم والغافلين عن تدمير الغابات المطيرة. وذلك لا يرقى إلى أن يكون خبرا جيدا وإيجابيا، ومع كل الجهود المبذولة في معرض هَيوارد فإنه لا يزال مثيرا للكآبة مثل صوره عن الطيور المنقرضة.