احتجاجات فرنسا بعيون الصحافة الإيرانيةhttps://www.majalla.com/node/295471/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%AC%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9
تطرق موقع "ديپلماسى ایرانی" (الدبلوماسية الإيرانية) المقرب من وزارة الخارجية الإيرانية إلى الاحتجاجات التي شهدتها فرنسا أخيرا وقال في تقرير نُشر يوم 2 يوليو/تموز إن الاحتجاجات في فرنسا ليست لها أسباب اقتصادية وإنما تأتي بسبب سلوك الشرطة التي تسيء استخدام صلاحياتها.
وأضاف التقرير أن الاحتجاجات التي اندلعت بسبب مقتل مراهق يبلغ من العمر 17 عاما في ضواحي مدينة باريس أدت إلى أعمال عنف وطالت مدنا فرنسية أخرى. لقد قتل الشاب برصاصة من أحد عناصر الشرطة في 27 يونيو/حزيران بعدما تجادل مع الشرطي الذي أوقف سيارته للاشتباه به. وأضاف: "تُعرف فرنسا تاريخيا بأنها بلد الاحتجاجات الواسعة، حيث إن كل رؤساء جمهورية فرنسا تقريبا واجهوا خلال فترة رئاساتهم شكلا من أشكال هذه المظاهرات والاحتجاجات الكبيرة غير أن الاحتجاجات هذه المرة تختلف إلى حد ما، لأنها لم تنطلق لأسباب اقتصادية أو بسبب معارضة سياسات حكومية بل إنها بدأت احتجاجا على أداء الشرطة وعناصرها الذين يستهدفون الشباب من أصول عربية وأفريقية في الضواحي المهمشة... ويجب علينا أن نتذكر أن الاتجاهات العنصرية تلعب دورا في هذه الممارسات وما يجري في فرنسا هو مزيج من التعصب والعنصرية مع الاستمتاع بالقتل من قبل شرطتها".
وخصصت صحيفة "كيهان" عناوينها الرئيسة إلى احتجاجات فرنسا. ونشرت تقريرا في 3 يوليو/تموز حول الأحداث بعنوان "ازدواجية المعايير في التعامل مع الجريمة في إيران وتبرير جريمة الشرطة في فرنسا".
ويقول التقرير: "أدى قتل المراهق البالغ من العمر 17 عاما من أصول مهاجرة في فرنسا إلى موجة واسعة من الاحتجاجات الاجتماعية والتمرد الذي يقوده مئات الآلاف من المحتجين في شوارع كثير من المدن الفرنسية وفي المقابل تستخدم الشرطة كافة الوسائل لقمع المحتجين غير أن الإعلام الغربي بذل كل جهده من أجل تجاهل هذه الاحتجاجات وخلق مبررات لتصرفات الشرطة والحكومة الفرنسية".
وتابعت صحيفة "كيهان" المتشددة المقربة من المرشد الايراني علي خامنئي: "هل يكون الحفاظ على الأمن حقا وواجبا لكل الدول أم إن صيانة الأمن حكر على الحكومات الغربية فقط؟ من الواضح أن الإعلام الغربي والموالي للغرب يسعى ليخفي هذه الازدواجية عن الرأي العام. هناك خمسة وجوه اختلاف بين "أعمال الشغب في فرنسا وإيران، وهي: المؤامرة الأمنية والتدخل الخارجي ونمط الفوضى والشغب وخطر الاتجاهات الانفصالية وقمع القوى الاجتماعية خلال الاضطرابات".
تُعرف فرنسا تاريخيا بأنها بلد الاحتجاجات الواسعة، حيث إن كل رؤساء جمهورية فرنسا تقريبا واجهوا خلال فترة رئاساتهم شكلا من أشكال هذه المظاهرات والاحتجاجات الكبيرة
وأضافت: "إن ما حدث في شوارع إيران خلال العام الماضي هو مؤامرة من قبل أجهزة أمنية أجنبية خططت منذ شهور عديدة من أجل زعزعة الأمن في إيران غير أنه لا يمكن العثور على سبب يدل على تدخل جهاز أمني أجنبي في الاحتجاجات في فرنسا. إن ما يحدث في فرنسا له أسباب داخلية ولا تسعى جهات أجنبية إلى تأجيج الأوضاع، كما أنه لم تتدخل أية دولة أجنبية أو مؤسسة دولية من أجل دعم المحتجين والمعارضة في فرنسا غير أنه في إيران ومن اللحظات الأولى لبدء أعمال الشغب في الشوارع عملت دول أجنبية كثيرة بكل طاقاتها على دعم المشاغبين، منها فرنسا حيث يحرض إيمانويل ماكرون الآباء والأمهات في فرنسا هذه الأيام على منع أبنائهم من النزول إلى الشوارع وقد التقى بضع مرات مع عدد من الشخصيات الإيرانية المطالبة بالإطاحة بالنظام".
وتابعت "كيهان": "كان نمط أعمال الشغب خلال العام الماضي في البلاد إرهابيا وكان معارضو النظام خارج البلاد ووسائل الإعلام الناطقة بالفارسية وآلاف الحسابات في الفضاء الافتراضي يحثون على القتل والاغتيال. لاحظنا انتشار نمط جماعة منافقين الإرهابية (التسمية التي تطلقها السلطة الإيرانية على مجموعة مجاهدي خلق المعارضة في المنفى) لتجر هذه الجماعة المجتمع الإيراني إلى حرب أهلية من خلال الترويج للاغتيالات. لا يمكن تصنيف تمرد المحتجين في فرنسا في خانة الأعمال الإرهابية. وليست استراتيجية حركات التمرد في فرنسا قائمة على الاغتيالات".
وأضافت "كيهان": "كانت الأحداث في إيران عبارة عن عنف منظم ومنهجي قائم على الاغتيالات ما أدى إلى مقتل نحو 70 شخصا من القوات المدافعة عن أمن بلادنا. يجدر بالتيارات الإعلامية التي تلعب دور العمالة للغرب الإجابة على هذا السؤال: إذا تم قتل فقط خمسة من عناصر الشرطة الفرنسية على يد المحتجين في فرنسا كيف كانت الحكومة ستواجه ذلك؟". وأشارت "كيهان" إلى أسباب أخرى قالت إنها تمثل وجه اختلاف بين الأحداث في إيران وفرنسا، منها الحملة الإعلامية المكثفة المناهضة للنظام الإيراني في 2022 و2023 والمئات من المنصات الإعلامية التي أعطت المجال للشخصيات ذات الاتجاهات الانفصالية لإبراز نفسها واهتزاز العشرات من الأعلام غير الوطنية في تجمعات المناهضين للثورة خارج إيران. ويستخلص التقرير أن "تفكك البلاد كان الهدف الكبير من الاضطرابات التي شهدتها إيران خلال عام 2022. فهل نجد بصمة جماعات انفصالية مدعومة بجهات أجنبية في احتجاجات فرنسا اليوم؟".
وقالت صحیفة "رسالت" المحسوبة على المحافظين في أحد تقاريرها التي خصصت للاحتجاجات في فرنسا بقلم حنيف غفاري، إن هذه هي صورة "أوروبا الحرة دون عمليات تجميلية". وأضاف الكاتب أن "ممارسة الشرطة الفرنسية تنم عن عنف منظم ومؤسساتي برزت معالمه لأكثر من مرة وبموازاة ذلك تعمل وسائل الإعلام التابعة لقصر الإليزية والأجهزة الأمنية في فرنسا على خداع الرأي العام. وتوقفت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن إصدار بيانات منددة ولم تعتبر هذه اللجنة أن المحتجين في فرنسا هم دعاة الحرية".
واعتبر الكاتب أن "ما يجري اليوم في أوروبا هو محاولة السلطة التستر على التناقضات بين أركانها. هذه المحاولة قائمة على خلق صورة غير حقيقية وجميلة من قبل الإعلام الغربي حول الأنظمة الغربية والمناورة على مفاهيم على غرار حقوق الإنسان وحرية التعبير. ويحاول الإعلام الغربي الترويج لهذه المفاهيم وترسيخها لدى الرأي العام، حيث إن الرأي العام في العالم لن يخطر بباله أن هناك حقائق مؤلمة ومؤسفة على الأرض خلف هذه الصورة الجميلة. الحفاظ على السلطة والمؤسسات الحكومية من خلال تبني تكتيك المبالغة أو إنكار الحقائق حيث يتم وصف أبشع الجرائم بمثابة أحداث طبيعية وفي المقابل يتم وصف الاحتجاجات الشعبية الواسعة باعتبارها حركات فوضویة وشعبوية. ومن خلال نظرة ذكية إلى الأحداث في فرنسا نجد أوروبا دون عملية تجميلية تعاني من ظاهرة "الهروب من الحرية" وليس فقط (معاداة الحرية)".
ونشرت صحيفة "فرهيختكان" التابعة للجامعة الحرة والمحسوبة على المحافظين تقريرا حول الأحداث في فرنسا بقلم فاطمة بريماني ورندي، مراسلة القسم السياسي للصحيفة، وتخلل التقرير حوار مع حسين ميرزايي الخبير الاجتماعي والأستاذ في جامعة علامة طباطبايي حول أسباب الاحتجاجات الحالية في فرنسا وقاعدتها الاجتماعية، وهل يندرج ما يحدث في فرنسا وفي إيران في إطار مفهوم "الحركة الاجتماعية" أم "أعمال الشغب". ويقول حسين ميرزايي إن "الأحياء الفقيرة في باريس ومدن أخرى في فرنسا تعاني من تمييز عنصري يمارس ضد مواطنين من أصول أفريقية ومهاجرين وبالتالي يمكن اعتبار هذه المناطق قنابل موقوتة قد تنفجر لأي سبب ينم عن غياب العدالة وتمييز عنصري وتهميش من قبل أركان السلطة".
وتابع التقرير أن وسائل الإعلام الأجنبية التي كانت تصف الأحداث التي شهدتها إيران بعد مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في سبتمبر (أيلول) 2022 بأنها "ثورة" تستخدم مصطلح "أعمال الشغب" في توصيف ما يجري في فرنسا حاليا.
ويشير حسين ميرزايي إلى الشرارة الأولى للاحتجاجات في فرنسا وإيران، حيث "بدأت الاحتجاجات في إيران بسبب موت فتاة في موقع تابع للشرطة. وانطلقت الاحتجاجات في فرنسا بسبب قتل شاب على يد أحد عناصر الشرطة. ولكن الاحتجاجات في البلدين تتمتع بطابعين مختلفين، حيث إن ما حدث في فرنسا كان دون تدخل جماعات معارضة خارج فرنسا. بعبارة أخرى فإن الشعب الفرنسي انتفض ضد السلطة الحاكمة ويطالب بإصلاح النظام السياسي والاجتماعي والثقافي في فرنسا غير أن الأحداث التي وقعت في إيران كانت تحت قيادة لا تقيم في إيران بل جماعات في خارج البلاد".
وأضاف ميرزايي: "الجماعات المعارضة للنظام خارج إيران تنقسم إلى تيارات موالية للنظام الملكي والموالين لجماعة مجاهدي خلق وجماعات أخرى منها التيارات الانفصالية التي تنشط في المناطق الحدودية القريبة من إيران على غرار كردستان العراق أو الحدود الشرقية. كل هذه التيارات والجماعات المعارضة للنظام خارج إيران كانت على اتصال وتعاون مع بعضها البعض، حيث أدى ذلك إلى الأحداث التي تلت موت الفتاة مهسا أميني. بعبارة أخرى فإن موت هذه الفتاة كان ذريعة وليس سببا".
ويرى ميرزايي: "لا يمكن أن نصنف ما جرى في إيران في إطار حركة اجتماعية، لأنها كانت تحت قيادة جماعات معارضة مقيمة خارج إيران وكان تفكيك إيران أحد أهدافها. الأحداث في إيران لم تستمر أكثر من ثلاثة أشهر ولم نشهد احتجاجات واسعة بعد مرور مائة يوم على بدء الاحتجاجات. لم تحظ الاحتجاجات بقاعدة شعبية كبيرة حيث لم تلق دعوات الإضراب والعصيان المدني استجابة كبيرة وهذا يعني أن عامة الشعب لم يدعموا المحتجين".
خصصت صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد عناوينها الرئيسة إلى احتجاجات فرنسا. ونشرت تقريرا في 3 يوليو/تموز حول الأحداث بعنوان "ازدواجية المعايير في التعامل مع الجريمة في إيران وتبرير جريمة الشرطة في فرنسا
ما الذي يقوله الإعلام المعارض للنظام؟
حظيت هذه التغطية الإعلامية للصحف والمواقع الإلكترونية التابعة للنظام الإيراني باهتمام الإعلام الإيراني المعارض للنظام في الخارج، حيث رأت وسائل إعلام معارضة للجمهورية الإسلامية أن وقوع كافة أنماط الاحتجاجات في الديمقراطيات الغربية يؤدي إلى حالة من الفرحة والسرور لدى الأنظمة الاستبدادية على غرار الجمهورية الإسلامية التي رأت في الاحتجاجات الجارية في فرنسا فرصة لـ"تسوية حساباتها" مع الغرب ودعم سلوكها خلال الاحتجاجات في إيران، حسب تقرير لإذاعة "فردا".
وأشار التقرير المنشور في الأول من يوليو/تموز إلى أن هذه التغطية الحماسية للاحتجاجات في فرنسا من قبل الإعلام الرسمي في إيران كانت متوقعة، حيث حاولت وسائل الإعلام الإيرانية أن تقول للمتلقي إن قمع الاحتجاجات "أمر اعتيادي، لا مفر منه حتى في الديمقراطيات الغربية".
وتابع التقرير: "تحاول وسائل الإعلام المحسوبة على أنظمة استبدادية على غرار الحكام في إيران أن تبث رسالة بأن الاحتجاجات في فرنسا تدل على فشل الدول الغربية، وذلك بالاستناد إلى تصريحات مسؤولين فرنسيين ووسائل إعلام فرنسية".
وأضاف التقرير أن "نظام الجمهورية الإسلامية يسعى عادة في مثل هذه الحالات إلى أن يوجه لدول غربية الاتهامات ذاتها التي يطلقونها ضد إيران".
وتابع التقرير أن احتجاجات "المرأة. الحياة. الحرية" في إيران كانت ترفع المطالب الرئيسة لغالبية الشعب، وهو "نهاية الجمهورية الإسلامية"، و"تغيير النظام" عبر أساليب عديدة، منها: "إجراء استفتاء" بهذا الشأن، غير أن وسائل الإعلام الرسمية لم تعترف رسميا بهذه المطالب.
ويستخلص التقرير أن المقارنة بين المجتمع الغربي الذي يعاني مثل غيره من مشاكل اجتماعية قد تكون بعضها مزمنة والمجتمعات التي تعاني من أنظمة استبدادية أمر صعب، حيث تتوفر على الأقل في الغرب آليات الانتقاد والنقاش حول الأزمات من قبل الخبراء ووسائل الإعلام.
وفي المقابل نرى أن كثيرا من المواطنين الذين أعربوا عن دعمهم ولو بشكل لفظي فقط لاحتجاجات "المرأة. الحياة. الحرية" يواجهون دعوات قضائية وقوائم اتهام وقيودا. هذا ناهيك عن المعتقلين والمدانين بأحكام سجن طويلة وإعدام بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات، كما أن قائمة المعتقلين تطال فئات مختلفة من المجتمع، من بينها الصحافيون والرياضيون.