يخيم على المملكة المتحدة اليوم جو متشائم من إمكان حدوث ركود اقتصادي في البلاد، مع إعلان بنك إنكلترا رفع سعر الفائدة الأساسي بمقدار نصف نقطة مئوية اضافية. فقد تحوّل، فجأةً، اهتمام المعلقين الذين يفضلون عادةً مناقشة مصائر السياسيين، إلى التركيز على بعض القضايا الاقتصادية لقول شيء ما، أي شيء، يبدو متماسكا حول الوضع المعقد الذي يجد البريطانيون أنفسهم فيه.
تحدث السير كير ستارمر، زعيم حزب العمال، مرارا في البرلمان، عن "عقوبة الرهن العقاري" التي فرضتها الحكومة، في إشارة إلى العبء المالي الإضافي على مالكي المنازل وشُراتها المحتملين نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة. وإذا كان كلامه ينكأ جروح هذه القضية الحساسة، إلا أنه قد يكون تأخر قليلاً في هجومه هذا. فمع ترقب الارتفاع الثالث عشر لمعدل الفائدة على نطاق واسع، اعتاد البريطانيون فعليا على فكرة أن تكون الأزمة الأخيرة "قنبلة موقوتة" للرهن العقاري، تهدد أي فرد يحتاج إلى الحصول على أول قرض عقاري أو إلى إعادة تمويل رهن قائم.
تأتي هذه الأزمة تتويجا لمعضلة ارتفاع التضخم التي تعاني منها المملكة المتحدة، وهو سبب التحرك الأخير للبنك المركزي في المقام الأول، و"أزمة تكلفة المعيشة" التي يبدو أنها ستستمر حتى الانتخابات العامة المقبلة بعد ثمانية عشر شهرا على أبعد تقدير.
وكما توقع المتشائمون في لندن، عمد بنك إنكلترا إلى رفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة، ليصل إلى 5 في المئة، وهو مستوى لم نشهده منذ عام 2008، والذي يعد عتبة تحول مالي ومصرفي. يأمل البنك المركزي من خلال تشديد السياسة النقدية، التخلص من الضغوط المتزايدة لارتفاع الأسعار داخل الاقتصاد. إلا أن التضخم في المملكة المتحدة يثبت عناده، وهو يعتبر حاليا الأسوأ بين دول مجموعة السبع. وهو فشل في الانخفاض في مايو/أيار الماضي، مع بقاء معدل مؤشر أسعار المستهلك السنوي عند 8,7 في المئة، متجاوزا بشكل كبير هدف الـ2 في المئة الذي وضعته الحكومة.