تغري سيرة أرنولد شوارزنيغر، بالبحث والتقصي والسعي لمعرفة تفاصيل طفولته ونشأته الأولى، وبدايات الأحلام التي تشكلت في قريته "تال" في الريف النمساوي حيث ولد عام 1947 والمحطات التي سلكها لاحقا حتى أصبح شخصية مشهورة على أكثر من صعيد.
لكن هذه النجومية التي حققها أرنولد لم تأت على طبق من ذهب فقد نشأ في بيئة ريفية فقيرة لم تأبه كثيرا لما يعتمل في أعماق أرنولد من توق إلى الخلاص، وكان عليه أن يتحلى بالكثير من الصبر والإرادة والتصميم كي يحقق ما يريد، وهو ما يتضح من خلال المسلسل الوثائقي المحدود في ثلاث حلقات، مدة كل واحدة نحو ساعة، للمخرجة ليزلي شيلكوت والذي تعرضه منصة "نتفليكس".
الحالم
اللافت في سيرة هذا "الحالم العصامي"، وفقا لرؤية المسلسل، هو أنه استطاع الجمع بين عدة مهن أو اختصاصات لا يكاد يجمعها شيء، سوى نداء خفي يدفعه إلى الأمام، فبرع في كل منها على حدة، ذلك أنه حرص على أن يعطي كل اختصاص حقه من الاهتمام، وأن يتفرغ له تماما، وما إن يبلغ هدفه فيه حتى يتوجه لاختصاص آخر، بالاندفاع والحماس ذاتيهما.
بدأ أرنولد حياته رياضيا، وتحديدا رياضة كمال الأجسام التي نال في مضمارها، في سبعينات القرن الماضي، جوائز عالمية عدة، وعندما تحقق له ما أراد من الشهرة والتميز في هذا الحقل الرياضي، توجه إلى السينما، موظفا بنيته الجسدية الضخمة، وهنا أيضا لمعت نجوميته، وتصدّرت أفلامه شباك التذاكر في حقبة الثمانينات، خصوصا، عندما كان نجاح غالبية الأفلام، بالمعنى التجاري التسويقي، يعتمد على حجم عضلات أبطال العمل، وقدرتهم على أداء مشاهد آكشن معقدة وخارقة، دون الحاجة كثيرا إلى مهارات التمثيل التي تدرّس في الأكاديميات.
وكانت السينما، على ما يبدو، حافزا لاقتحام حقل آخر، فالفن السابع أمّن له جماهيرية واسعة، وهذه الجماهيرية هي الشيفرة الرئيسة التي خوّلته لتبوأ منصب حاكم ولاية كاليفورنيا، عن الحزب الجمهوري، من دون أي انغلاق على عقيدة هذا الحزب، وهنا أيضا حقق إنجازات من أبرزها مسألة الاهتمام بالبيئة والتغير المناخي، وإطلاق مشاريع عمرانية ضخمة، هدفها خدمة البلد الذي أتاح له فرصا ثمينة، كما يعترف، بمعزل عن الحسابات السياسية والحزبية التي يتقنها السياسيون، عادة.