اتجهت شريحة كبيرة من المصريين إلى الاستثمار في العقارات كأحد الأصول الأكثر أمانا والأقل خطرا لمدخراتهم، في ظل تذبذب الأوضاع الاقتصادية، معتبرين العقار، إلى جانب الذهب، بديلا من المصارف للتحوط من التضخم وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار. ويبقى القطاع العقاري وقت الأزمات الاقتصادية الحصان الرابح في ظل أسعاره التي تميل إلى الاستقرار إن لم يكن الارتفاع، فهو أفضل القطاعات التي توفر فرصة آمنة للاستثمار وعوائد مجدية ومضمونة بأقل قدر من المخاطرة.
وكان لانخفاض قيمة الجنيه المصري وارتفاع معدل التضخم أثر في تكاليف البناء، فعانت شركات التطوير العقاري من التغيرات في مستوى الأرباح، مع بروز توجه جديد يتمثل في اندفاع المواطنين إلى شراء العقارات. وافادت الوكالات العقارية من انخفاض قيمة الجنيه الذي جعل سـوق العقارات أكثر جاذبية وساهم في تحقيق مبيعات قوية خلال الربع الأول من عام 2023. لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، إذ ارتفع معدل التضخم الأساسي السنوي في مصر من 38,6 في المئة في أبريل/نيسان إلى 40,3 في المئة في مايو/أيار، مما رفع أسعار كل مـواد البناء بصورة جنونية، فزاد سعر طن الحديد، مثلا، من 17 ألف جنيه (551 دولارا) إلى 40 ألفاً، مما أثار حفيظة قطاعات عديدة، وخصوصا مقاولي البناء وأصحاب الشركات العقارية. وقفزت أسعار الأراضي، وهي من مدخلات قطاع العقارات، لأسباب منها موجات التضخم العالمي، التي ألقت بظلالها على أسعار مدخلات قطاع البناء، فضلاً عن النقص في بعض الخامات نتيجة الصعوبة في الاستيراد حاليا، نظرا الى الشح في العملة الصعبة.
بدورها، سارعت شــركــات عـقـاريـة إلى التحوط من خلال ربط تسعيرة وحـداتـهـا السكنية بسعر صـرف الـــدولار، في خطوة اعتبرتها الشركات مقياسا لضبط السعر مع التكلفة. لكن في المقابل، زاد هذا الإجراء الضغوطَ على المشترين، ولا سيما من الطبقة المتوسطة، على الرغم من أن هذه الشريحة تمثل نسبة ضعيفة من مستهدفات الشركات العقارية، التي تركز على نسبة الـ10 في المئة من السكان المصنفين في الطبقات الأعلى دخلاً من إجمالي السكان في مصر البالغ عددهم 105 ملايين نسمة.