وذكرت المنصة أن المكون العقاري السكني والمتعدد الاستخدامات سجل نحو 522 مشروعا قيد الإنشاء في مصر، بقيمة بلغت نحو 309,9 مليار دولار، تمثل نحو 50 في المئة من عدد المشاريع الإجمالي لمختلف المكونات وتستحوذ على نحو 83 في المئة من قيمة الاستثمارات الإجمالية. توزعت هذه المشاريع على 21 محافظة في مصر. وارتفع متوسط السعر للشقق السكنية في الربع الأول من السنة الجارية بنسبة 30 في المئة، مقارنة بالربع الأول من عام 2022، في حين قفز متوسط السعر المطلوب للفيلات بنسبة 25 في المئة، ولحق به متوسط إيجار الشقق والفيلات، الذي ارتفع بنحو 24 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام المنصرم.
وعزت "بروبرتي فايندر" هذا الاتجاه التصاعدي للسوق إلى أثر انخفاض قيمة الجنيه المصري، وارتفاع معدل التضخم على تكاليف البناء في قطاع العقارات. ولفتت إلى معاناة شركات التطوير العقاري من التغيرات في مستوى الربحية، مع بروز اتجاه آخر يتمثل في اندفاع المشترين الى شراء العقارات في محاولة منهم للتحوط من انخفاض قيمة العملة المحلية في مقابل الدولار. في حين بقي الطلب على الوحدات التجارية منخفضا من جانب الطبقة المتوسطة الدخل التي آثرت الوحدات العقارية التي تنفذها الدولة والتي ارتفعت أسعارها أيضاً.
محرك للنمو الاقتصادي
يحافظ قطاع العقارات على دوره كمحرك مناسب للنمو الاقتصادي على المدى البعيد، حيث يعمل على توليد مزيد من الفرص للشركات في مجال البناء والطاقة والبنية التحتية، في حين يُعَدّ الوقت الحالي مثاليا للاستثمار في هذا المجال، فالأسعار في ارتفاع مستمر، وستنمو قيمة العقار بمرور الزمن. هذا ما أكده المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري، أسامة سعد الدين، إذ شدد على "أن الحاجة إلى العقارات مستمرة ولن تتوقف، ونحن لا نفي بالطلب على العقارات لارتفاع نسبة الزيجات في مصر، وبالتالي لن تتوقف الحاجة بينما يقل الإنتاج عن المطلوب في السوق المحلية على الرغم من تراجع القدرة المالية".
وقال سعد الدين لـ"المجلة": "إن العقار أحد الملاذات الآمنة لتوجيه السيولة، فقد لجأ كثر ممن لديهم فوائض مالية إلى الاستثمار في العقارات لحفظ قيمة أموالهم بعد التراجع في قيمة العملة المحلية"، مذكراً بما يحدث من إقبال على اقتناء السبائك الذهبية والعملات الأجنبية.
وألمح إلى "أن أسعار مدخلات منتج العقار في ارتفاعات مستمرة، لذلك ترتفع قيمته وتُسعَّر الوحدة العقارية بعد ضبط تكاليف البناء لتفادي تحقيق أي خسائر محتملة للمطور، وعدم تآكل رأس ماله". وأشار إلى "اتجاه الحكومة المصرية حالياً إلى فتح أسواق خارجية في المجتمع الدولي لتصدير العقار؛ هذا كله يؤدي إلى ارتفاع مستمر في الطلب والأسعار". ولفت إلى الطلب المتزايد من العراقيين على شراء العقارات في مصر بديلاً من تركيا عقب الزلزال الأخير، إلى جانب اتجاه غرفة التطوير العقاري في اتحاد الصناعات إلى وضع استراتيجيا لفتح أسواق خارجية.
واعتبر سعد الدين مجموعة التسهيلات التي منحتها الحكومة المصرية أخيرا لمساندة المطورين العقاريين في هذا التوقيت "الحل الأسرع من أجل تجاوز مرحلة التحديات الراهنة لانطلاق القطاع لأنه يمثل 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر ولأنه يقطر عجلة الاقتصاد، واستمراره في العمل أمر مهم، وستترتب في حال توقفه خسارة فادحة على الدولة".
محفزات وأضرار
وكانت الحكومة المصرية أقرت حزمة من التسهيلات والمحفزات لدعم قطاع التطوير العقاري، تضمنت منح المطورين والمشاريع الاستثمارية في المدن الجديدة وغيرها، معدل فائدة تقسيط يوازي 10 في المئة لمدة سنتين، بدلاً من الفائدة السارية المعلنة من المصرف المركزي والتي تصل إلى 19 في المئة، فضلاً عن تمديد المدة الزمنية لتنفيذ المشاريع العقارية بواقع 20 في المئة من المدة الزمنية الأصلية الإجمالية، تخفيفاً للأعباء على المستثمرين العقاريين. هذا إلى جانب خفض النسبة المئوية لاقرار اكتمال تنفيذ المشروع لتصبح 85 في المئة بدلاً من 90 في المئة. كذلك، اتخذ المجلس الأعلى للاستثمار مجموعة قرارات مهمة من بينها السماح للأجانب بتملك أكثر من عقارين بشرط السداد بالعملة الأجنبية.
ويعتبر خبراء اقتصاديون أن الادخار في القطاع العقاري أضر بكثير من القطاعات الاقتصادية في الدولة، فحين يصبح القطاع العقاري ملاذا لتخزين للقيمة، يتحول القطاع إلى الادخار والاستهلاك ولا يعود موئلاً للاستثمار، وهذا خطر على الاقتصاد ويؤدي إلى إبطاء الدورات الاقتصادية في البلاد. هذا ما خلص إليه أستاذ التمويل في جامعة القاهرة، حسن الصادي، الذي قال لـ"المجلة": "عندما تتحول العقارات إلى جدران مغلقة يصبح الاستثمار فيها سيئا، فهي ملاذ آمن للاستثمار وليس للادخار وهناك فرق كبير بين الاثنين، لأن الادخار في القطاع العقاري في مصر لا يدر دخلاً، وإنما يدر مكسباً رأسمالياً في حالة إعادة البيع مستقبلاً، وفي هذه الحالة يتحول الادخار العقاري إلى استهلاك عقاري وبذلك تتعطل الدورة الاقتصادية لرأس المال ما بين سنتين و10 سنوات".