تستند مؤلفات الناقد والروائي والأكاديمي السعودي الدكتور معجب الزهراني، على فكر وإبداع عميقين، لهذا لم يقف عند النقد والدراسات، بل كتب الرواية ورسم بالكلمات صور سيرته الذاتية، عندما كان مسكونا برغبة الكتابة، فأصدر "سيرة الوقت". يقول: "حين كتبت سيرة الوقت لم يكن لدي هدف أوضح وأقوى من شهوة الكتابة نفسها. نعم، كنت أدرك أن فرصة العودة إلى باريس في آخر المغامرة الحياتية والوظيفية يجب ألا تذهب مع الريح والماء. هكذا راجعت تدوينات أولية سابقة لم تكتمل، متيقنا من أن كتابتي الحميمة لن تخذلني". يضيف: "بعدما فرغت منها تماما جاء العنوان من حكاية الكتابة ذاتها كمادة وقفت عندها ببعض التفصيل في العتبات الأولى من النص، وأضفت إليه عنوانا شارحا لأن تلك الذات التي كتبت عنها لم تكن وحدها بكل بساطة".
كتابة حرة
"رقص" هو عنوان اختاره الزهراني لروايته الوحيدة. عن هذا يقول: "هذا نص باريسي بامتياز، إذ بدأت بكتابتها وأنا أستاذ زائر في السوربون الثالثة. فالحكايات الفاتنة قديمة ومتراكمة منذ أزمنة الطفولة والفتوة، لكنها لم تخرج إلى النور إلا بفضل مدينة الأنوار. وأظنها كانت وستظل كتابة حوارية حرة راقصة مفتوحة، لم يثقل عليها هاجس الشكل المعتاد".
قبل كتابته الرواية وبعدها، كان الزهراني يقدّم عددا من الأبحاث الفكرية، التي لم يقتصر طرحه فيها على قضايا تتعلّق بحقبة زمنية معينة. كتب عن "صورة المرأة في خطاب ابن رشد" وتناول في أبحاث أخرى قضايا معاصرة مثل "قراءة نقدية لمفهوم العالمية": "مرجعية الاختيار للموضوعات عادة ما تكون متنوعة بحسب انشغالات الناقد المتصلة بتخصصه، ومحاور الندوات الكبرى التي يشارك فيها. مع ذلك يظلّ هناك جامع عميق بين مجمل المقاربات يتمثل في اللغة النقدية والرؤية الفكرية التي تثوي وراءها". ويضيف: "اشتغلت لفترات متعاقبة بالشعر والسرديات الحديثة وبتحليل الخطابات حول المرأة، وأزعم أن الرؤية الحداثية للعالم، والفكر النقدي الحواري، الذي كنت من بين أوائل من دشنوه وروجوا له في المنطقة، ماثلان في مجمل قراءاتي، سواء في ظاهر النص النقدي أو ظل كامنا في عمقه".
قدّم الزهراني أيضا الكثير من الدراسات النقدية في مجال السرديات والشعر، وطالت دراسته العديد من التجارب. من بينها "نيويورك في ثلاث قصائد محلية لعلي الدميني وأحمد يحيى بهكلي ومحمد الدميني"، و"الصمت والموت والبياض: قراءة للعبة الكتابة الروائية في "موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح. و"الرواية المحلية وإشكالية الخطاب الحواري: الندوة النقدية عن القصة والرواية بالمملكة".