سيعقد قادة حلف شمال الأطلسي يومي 11-12 يوليو/تموز الحالي قمتهم الرسمية الثانية بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا. وسيكون هذا الاجتماع في فيلنيوس هو الأول الذي سيحضره العضو الجديد– فنلندا، بصفتها العضو الحادي والثلاثين.
وقد تأسس حلف شمال الأطلسي عام 1949 في مواجهة تهديد الاتحاد السوفياتي الذي كان يحاول ابتلاع كل شيء تقريبا. وها هو ذا حلف شمال الأطلسي الآن، وبعد 74 عاما، يواجه شكلا جديدا ولكنه مشابه للشكل الذي كان عليه في تلك الفترة. فعندما هاجمت روسيا أوكرانيا، أو كما تقول، بدأت عمليةً عسكريةً خاصة، في فبراير/شباط 2022، كان الهدف من تلك العملية بسط سيطرتها على البلد في غضون أيام قليلة.
لم تنجح الخطة وتواصلت الحرب، وتكبد كلا الجانبين خسائر كبيرة. وقد عرقل دعم حلف شمال الأطلسي وحلفائه لأوكرانيا مساعي روسيا لبسط سيطرتها على أوكرانيا، وهو الدعم الذي شمل التدريب وتحسين القدرات العسكرية، والمساعدة العسكرية الكبيرة التي قدموها.
وفوق ذلك، فرض الغرب عقوبات، مما جعل روسيا تتأثر تأثرا شديدا، ولكنها لم تستسلم لتلك العقوبات، إذ إنها عثرت على طرقٍ للتعامل مع الصعوبات وواصلت حركتها باستخدام البدائل. وعلاوة على ذلك، وعلى الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدتها روسيا، فإنها لا تزال قوة عسكرية يحسب لها ألفُ حساب.
بناء على هذه الخلفية، دعونا نلقي نظرة على القضايا الرئيسة التي ستتطرق لها قمة فيلنيوس.
الحرب في أوكرانيا
يدعم حلف شمال الأطلسي أوكرانيا في حربها الدفاعية التي تخوضها ضد روسيا، وهي الحرب التي حددها الحلف بالفعل باعتبارها أكبر وأهم تهديد مباشر لأمن الحلفاء.
وبينما يقدّم حلف الناتو مساعدة غير مميتة لأوكرانيا باعتبارها حليفا للناتو، يُقدم الحلفاء فرادى المساعدة المميتة لأوكرانيا على أساس العلاقات الثنائيّة بين أوكرانيا والدولة العضو.
وكان نائب وزير الخارجية الأميركي، قد أبلغ في جلسة استماع عقدت حديثا في مجلس النواب الأميركي، أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في المجلس أن المساعدة الأمنية الثنائية الأميركية لأوكرانيا منذ فبراير/شباط 2022 بلغت نحو 40 مليار دولار أميركي.
وصرح المسؤول الأميركي كذلك أن نحو 50 دولة من مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية قد وفرت ما قيمته 32 مليار دولار من المساعدات الفتاكة، مضيفا أنّ قيمة المساعدات القتالية الأخرى التي قدمتها أكثر من 50 دولة في مجموعة اتصالات الدفاع الأوكرانية– وهي مجموعة من الدول التي تدعم جهود الدفاع الأوكرانية عن طريق إرسال الأجهزة والمعدات العسكرية التي بلغت حوالي 32 مليار دولار. وفيما يتعلق بكيفية التعامل مع روسيا، فإن الحلفاء يختلفون حول ذلك، حيث من المعروف أن أعضاء الناتو من وسط وشرق أوروبا يتصفون بتشدد أكثر من ذاك الذي تتصف به دول أوروبا الغربية.
وقد أثرت الحرب على كثير من جوانب الحياة في الغرب، بدءا بالصعوبات الاقتصادية بما في ذلك معدلات التضخم المرتفعة، إلى الضغط على مخزون المعدات الدفاعية في الجانب العسكري.
وعلى الرغم من ذلك، يظل الحلفاء متّحِدِينَ في عزمهم ودعمهم النشط لأوكرانيا، وسيعيدون التأكيد على هذا الدعم في فيلنيوس.
الوضع الداخلي في روسيا
لقد أصبحت الحرب في أوكرانيا الآن أيضا في صلب المنافسة الداخلية على السلطة في روسيا، والتي تشمل الرئيس فلاديمير بوتين، وخصومه، والجيش، وجهاز الاستخبارات، والجيوش الخاصة التي ترعاها الدولة كمجموعة فاغنر، والأوليغارشية؛ فخلال التمرد قصير الأمد الذي حصل قبل أسبوعين، سيطرت فاغنر على روستوف الواقعة على نهر الدون، وهي المدينة التي تضم المقرات العسكرية الجنوبية لروسيا، وهي مركز قيادة الحرب ضد أوكرانيا. ثم بدأت تشكيلات فاغنر في الانتقال إلى العاصمة موسكو. وبدا أنّ صراعا أهليا في روسيا على وشك الحدوث، ولكن انتهت الأزمة في غضون 24 ساعة وعلى نحو مفاجئ.