تزامن يوم 20 يونيو/حزيران (يوم اللاجئين العالمي)، مع استمرار مآسي الغرق لطالبي اللجوء أو المهاجرين غير الشرعيين، وآخرها في تونس واليونان.
ومع وصول عدد اللاجئين في العالم إلى حده الأقصى منذ الحرب العالمية الثانية، تتحمل أوروبا العبء الأكبر، لأنها المقصد الأول للجوء والهجرة. وبالرغم من ذلك، لم يفلح الاتحاد الأوروبي في بلورة استراتيجية متماسكة حيال الهجرة.
إن تداعيات هذا الوضع وأبرزها الضغوط الاقتصادية والديموغرافية، وصعود اليمين الوطني المتطرف تضع منظومة القيم على المحك، وتدفع إلى المزيد من النقاشات من أجل اعتماد سياسات جديدة، لكن يبقى الاتجاه السائد هو المزيد من التشدد لمنع التدفق أو الحد منه. وهكذا فإن البعد الداخلي يزيد من تفاقم الوضع بالإضافة لغياب مقاربة دولية ناجعة.
واللافت هو اندفاع غالبية الأوروبيين لبناء جدران فصل أو "جدران برلين جديدة" غير آبهين بالجانب الإنساني ومخاطر القطيعة بين بعض شمال كوكبنا الغني وغالبية جنوبه الفقير.
التائهون في بحار وغابات أوروبا
تبدو الهوة سحيقة والفارق جوهرياً بين المبادئ ومنظومات القيم الأخلاقية والإنسانية من جهة وبين تطبيقاتها وترجماتها على أرض الواقع من جهة أخرى. والدليل الأكبر هو السقوط المعنوي لمنظومة القيم الأوروبية في التعامل مع ظاهرتي اللجوء والهجرة غير الشرعية.
لقد شهد البحر الأبيض المتوسط في الأسابيع الأخيرة مأساة قبالة اليونان (مع فضيحة موصوفة في التقصير وعدم النجدة والتواطؤ في التسبب بالموت) وعدة مآس في أماكن أخرى ومنها تونس. وتعود بنا الذاكرة لما جرى في بحر المانش بين فرنسا وبريطانيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حين أسفرت حادثة غرق زورق للمهاجرين عن مقتل 31 شخصاً.
ولا يقتصر التيه وسط بحار أوروبا فحسب، بل يبرز بصوره الصادمة في المعابر أو عند الحدود كما حصل منذ سنتين عند الحدود البولندية البيلاروسية، إذ عاش أو عانى آلاف المهاجرين "الحالمين بالجنة الأوروبية" وضعا كارثيا.