بعد أشهر من الغياب السياسي الواضح عن الساحة منذ آخر انتخابات محلية، نظمت لتجديد المجالس البلدية والولائية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وهي عملية الاقتراع الثالثة منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى الحكم، تشهد الساحة السياسية حراكا كثيفا بعد طرح مجموعة من الأحزاب مبادرات سياسية متفرقة، فتحت باب النقاش على مصراعيه وأثارت تساؤلات حول خلفياتها وأهدافها وأدوات تنفيذها.
أولى هذه المبادرات السياسية أطلقتها مجموعة من الأحزاب السياسية منذ أسابيع، تحت شعار "المبادرة الوطنية لتعزيز التلاحم وتأمين المستقبل"، الغرض منها تشكيل جبهة داخلية في مواجهة التحديات الخارجية وهو ما يتطابق مع الخطاب السياسي الرسمي في البلاد الذي يركز على التهديدات الخارجية التي تستهدف أمن واستقرار الوطن.
وقاد المبادرة المرشح للانتخابات الرئاسية التي جرى تنظيمها في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019 ورئيس حركة البناء الوطني (حزب محسوب على التيار الإسلامي في البلاد) عبد القادر بن قرينة، ونجح في استقطاب عدد لا بأس به من التشكيلات، ليعلن بذلك عن ميلاد أول تكتل سياسي يضم الموالاة منذ قدوم الرئيس تبون إلى قصر المرادية.
ومن مسوغات المبادرة أن "تداعيات الوضع الدولي الحالي تفرض تفعيل الإرادة الوطنية وفاء بما يقتضيه واجب تعزيز التلاحم الوطني وتمتين الجبهة الداخلية، من خلال الرفع من التأهب لمواجهة التهديدات والمخاطر التي تستهدف الجزائر في أمنها ومؤسساتها ووحدة شعبها وترابها، ويوجب علينا التعبئة العامة".
ولا تختلف هذه المبادرة كثيرا عن مبادرة "لم الشمل" التي أطلقها الرئيس الجزائري في مايو/أيار 2022، والغرض منها تسوية تبعات أزمات شهدتها البلاد في سنوات مضت، وتعزيز الصف الداخلي لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
ونأت حركة مجتمع السلم (كبرى الأحزاب الإسلامية والمعارضة في البلاد) بنفسها عن هذه المبادرات رغم أنها شاركت في الاجتماع التمهيدي، واعتبرت نفسها غير معنية لأسباب سياسية، ورفضا منها الدخول في مبادرات غير واضحة المعالم والأهداف والأسباب.