كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتعامل مع ما ورثه عن نفسه في ولايته السابقة في الحكومة على مدى السنوات الـ22 الماضية. وهذه المرة، ورث أردوغان اقتصادا يعاني من محنة. وخلال عملية الانتخابات، تباهى أردوغان بأن أداء الاقتصاد التركي كان حسنا للغاية، وإن كان ثمة بعض العوامل المسببة للتوتر، وأهمها زيادة التضخم. وأوضح للناخبين أن مرد هذه العوامل المثيرة للتوتر هو التطورات الجارية خارج تركيا، وأهمها الحرب في أوكرانيا.
وتعهد أردوغان بإعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح، ووعد بـ"قرن تركي". وبقي عليه الآن أن يفي بوعوده، فقد صوّت له كثير من الأتراك ليس بسبب رضاهم عن سياساته، ولا سيما سياسته الاقتصادية، لكن لأنهم اعتقدوا أنه يستطيع إخراجهم من الصعوبات التي تواجهها البلاد. ولعل في ذلك بعض التناقض، لأن السبب الأساسي للصعوبات التي كانوا يعانون منها كان أساسا، سياسات أردوغان الاقتصادية.
أظهر أردوغان نهجا اتسم بمرونة أكثر نسبيا منذ فوزه في الانتخابات، وحتى الآن. والوزراء الرئيسون في فريقه الجديد ليسوا وجوها جديدة. إنه أشبه ما يكون بتحول داخل دائرته المقربة منذ فترة طويلة، حيث يضع في المقدمة المزيد من التكنوقراط السياسيين المنفتحين والمعروفين دوليا، كوزراء المالية، والشؤون الخارجية، والداخلية، والدفاع.
والآن، أمام أردوغان هدف جديد سيحاول تحقيقه في الانتخابات المحلية التي ستجرى في مارس/آذار من العام المقبل؛ فهو عازم على استعادة إسطنبول وأنقرة وأنطاليا والمدن الكبرى الأخرى التي خسرها أمام المعارضة في الانتخابات التي جرت عام 2018، وشكلت هذه الخسائر، وعلى وجه الخصوص إسطنبول، صدمة سياسية كبيرة له.
وسيستخدم أردوغان وحزب "العدالة والتنمية" التابع له، مرة أخرى، الثروة التي راكموها خلال 22 عاما من وجودهم في الحكم، وسيستخدمون موارد الدولة لتمويل الحملة الانتخابية ضد المعارضة التي لا تزال في حالة من الدهشة من الهزيمة التي لحقت بها في انتخابات مايو/أيار الماضي.