منذ الستينات من القرن الماضي، بدأ العلماء والباحثون بإثارة مخاوف في شأن التأثيرات المحتملة للنشاطات البشرية، ولا سيما حرق الوقود الأحفوري، على مناخ الأرض.
منذ ذلك الحين، كثف المجتمع العلمي أبحاثه حول تغير المناخ وأسبابه، بقيادة منظمات مثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وفي التسعينات، اكتسبت الجهود العالمية لمعالجة انبعاثات الكربون زخما بعدما تم اعتماد اتفاق الأمم المتحدة الإطاري في شأن تغير المناخ في عام 1992، الأمر الذي مثل التزاما دوليا لتثبيت تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. وشهدت بدايات القرن الحادي والعشرين اعترافا متزايدا بالحاجة إلى حلول الطاقة المستدامة واستراتيجيات الحد من الكربون.
وصارت العلاقة بين انبعاثات الكربون وتغير المناخ وتأثيراته على النظم البيئية وأنماط الطقس وصحة الإنسان أكثر وضوحا، بعدما سلطت الدراسات العلمية الضوء على الحاجة الملحة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لتخفيف التداعيات الناجمة عن آثار تغير المناخ.
وعد كبير
أدت الحاجة الملحة لتخفيف تراكم ثاني أكسيد الكربون البشري المنشأ ومكافحة تغير المناخ، إلى تحفيز الجهود العالمية لتطوير تقنيات تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود أخضر. من بين الأساليب المختلفة، يحمل تحويل ثاني أكسيد الكربون المدفوع بالطاقة الشمسية وعدا كبيرا كونه يستخدم ضوء الشمس مباشرة كمصدر أساسي للطاقة.
حاليا، اكتشف الباحثون حلولا جديدة لمواجهة تحدي الطاقة العالمي مع تخفيف آثار تغير المناخ، إذ أظهر باحثون من جامعة "كامبريدج" البريطانية كيف يمكن احتجاز ثاني أكسيد الكربون من العمليات الصناعية - أو حتى مباشرة من الهواء - وتحويله إلى وقود نظيف ومستدام باستخدام الطاقة الشمسية فقط، وطور الباحثون مُفاعلا يعمل بالطاقة الشمسية يحول ثاني أكسيد الكربون والنفايات البلاستيكية التي يتم احتجازها، إلى وقود مستدام ومنتجات كيميائية أخرى ذات قيمة.
في التجارب المختبرية، تم تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى غاز توليدي، وهو لبنة أساسية للوقود السائل المستدام، وتم تحويل الزجاجات البلاستيكية إلى حمض الغليكوليك، الذي يستخدم على نطاق واسع في صناعة مستحضرات التجميل.
ويستخدم تحويل ثاني أكسيد الكربون المدفوع بالطاقة الشمسية ضوء الشمس لدفع التفاعلات الكيميائية التي تحول الغازات الملوثة إلى وقود ومواد كيميائية ذات قيمة.
يقدم النهج الجديد العديد من الميزات، بما في ذلك تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري واستخدام الطاقة الشمسية والمتجددة. فمن خلال استخدام ضوء الشمس كمدخل وحيد للطاقة، يمكن تحويل ثاني أكسيد الكربون ونفايات البلاستيك إلى وقود نظيف، مع تجنب الحاجة إلى دفن البلاستيك تحت الأرض أو إطلاقه في البيئة. يتوافق هذا النهج مع مبادئ الاستدامة والاقتصاد الدائري، حيث يتيح إعادة تدوير النفايات، مما يقلل الاعتماد على الموارد المحدودة ويخفف البصمة الكربونية.