بؤس متجذر منذ 40 عاما
لماذا المواطنون في إيران يفتقدون السعادة؟ سؤال حاولت مجلة "الدراسات الاستراتيجية" ربع السنوية التابعة لوزارة العلوم الإيرانية الإجابة عنه في عددها الصادر في صيف 2022، حيث وجهت المجلة في هذا التقرير انتقادات ضمنية إلى سياسات النظام الإيراني ودعت إلى إعادة النظر في السياسات الأمنية.
وجاء في التقرير أن "السياسات الأمنية الراهنة تؤثر سلبا على الشعور بالسعادة والكرامة لدى المواطنين الذين ينتقدون هذه السياسات بأشكال مختلفة، وأدى الحصول على وسائل التواصل الجديدة ومعرفة التطورات الدولية إلى موجة واسعة وعميقة من الدعوة إلى التغيير في المجتمع. الأنظمة غير الديموقراطية والضعيفة لا تفهم طبيعة هذه الدعوات، وإذا أدركت ذلك وبدأت بإصلاح الأمور فإن تنظيم الإصلاحات وسن قوانين مساندة للإصلاح يستغرق وقتا طويلا، وخلال ذلك، سيحصل شرخ عميق بين السلطة والمجتمع وقد يشكل هذا الشرخ مصدر تهديد للنظام".
وتابع التقرير الذي لم يذكر اسم "الجمهورية الإسلامية" قائلا، إن "هذا الشرخ سيؤدي إلى أزمات ومتاعب للنظام على غرار التمرد على السياسات الكلية للبلاد وتدهور وضع رأس المال الاجتماعي وزيادة الحركات الاجتماعية الداعية الى التغيير وارتفاع نسبة الاحتجاجات العنيفة وحتى اتساع الحركات الثورية".
وأشار إلى عوامل تؤثر في ارتفاع منسوب السعادة بين المواطنين، منها اعتماد سياسة تتبنى الديبلوماسية والعلاقات البناءة والثقافة مما يعزز شعور المواطنين بالاحترام والقبول على الصعيد الدولي.
ويصنف جواز السفر الإيراني من ضمن الأسوأ في العالم، وتضع السلطات قيودا على دخول التجهيزات الطبية المتطورة التي تدعم النظام الصحي وتحسين الخدمات في المستشفيات، وتفرض القيود على القطاع العلمي والجامعات والباحثين والأساتذة، وكذلك تعتمد سياسات تمنع دخول الاستثمارات الأجنبية لتحسين ظروف العمل وكسب رضا المواطنين، وتحسين عجز السلطات عن تقديم خدمات صحية ومياه للشرب والحد من تلوث البيئة.
كل ذلك يشكل أسبابا تحد من إمكان ارتقاء مستوى حياة المواطنين والوصول إلى الأمن الغذائي، والأهم من ذلك أنها تفاقم الشعور بالعجز وعدم السعادة بين المواطنين بحسب التقرير.
اللافت أن كل هذه العوامل التي تزيد حال الإحباط والعجز بين المواطنين متوافرة في إيران اليوم، نتيجة للسياسات التي اعتمدها مسؤولو الجمهورية الإسلامية خلال أكثر من 40 عاما، أدت إلى ظهور مثل هذا البؤس في المجتمع الإيراني.