تكفي معرفة أن عدد الفلسطينيين في سوريا لم يتغير منذ اندلاع ثورتها عام 2011 ومن ثم الحرب فيها، وظل 570 ألف نسمة، لندرك أن كارثة قد حلّت بهم. وكان عددهم (80 ألفا) منذ لجوئهم إلى سوريا عام 1948 قد تضاعف مرات عدة. حتى يمكن المجازفة بالقول إن كارثة حلت بهم خلال الأزمة السورية: نشوب ما يشبه حربا أهلية فلسطينية مصغرة.
الحصيلة الفلسطينية في سوريا بسبب أزمتها الراهنة، مخيفة: أكثر من أربعة آلاف من القتلى الفلسطينيين. 636 قُتلوا تحت التعذيب. 3075 معتقلا في سجون النظام. لكن العدد أكبر؛ فهناك عدد ضخم من المفقودين لم توثق أسماؤهم.
ويصف ابن مخيم اليرموك عبد رحّال الهارب إلى مخيم برج البراجنة في لبنان، الأحوال قبل الأزمة السورية، فيقول إنه "لم يكن هناك فرق بين سوري وفلسطيني في المخيم، حتى عندما كان يُؤتى بشهيد من أهالي المخيم قُتل في لبنان، يسير الجميع في جنازته. الآن الزمن تحوّل، فالموالي للنظام يتهم الفلسطينيين بقتال الدولة، والمعارض يتهمهم بأنهم شاركوا في قتل الشعب السوري. صار من الصعب العيش في سوريا".
ويجزم عبد رحال بأنه لن يعود أبدا إلى مخيم اليرموك مهما كانت التسهيلات. فما عاشه هناك سبب له أمراضا نفسية، اضطرته لتعاطي أدوية عديدة. وهو لم يغادر مخيم برج البراجنة منذ ثلاث سنوات، بسبب حالته العصبية إذا غادر المخيم. ويقول إن القرار بعدم العودة سببه أيضا أن "فلسطينيين فُقدوا بعد أن عادوا إلى سوريا".
مكان للصورة الأولى
عائلة محمد العبواني هي الأخرى تسكن مخيم برج البراجنة، بعد أن كانت تعيش في شارع حيفا بمخيم اليرموك. خرجت من المخيم إثر قصف جامع عبد القادر الحسيني. فقدت عددا من أبنائها ولا تدري شيئا عن مصيرهم، إضافة إلى مقتل عدد منهم.
ويقدّر الفلسطيني الناشط في هولندا محمد شاويش، في حديثه لـ"المجلة"، عدد الفلسطينيين السوريين في أوروبا بنحو 120 ألفا. يقول إن "فلسطينيي سوريا اللاجئين في أوروبا محبطون، خصوصا النخب منهم. وتسود بينهم فكرة الخلاص الفردي بعد أن كان العمل الجماعي هو الغالب. ودور الفلسطينيين الأساسي في أوروبا هو مساندة الفلسطينيين الذين بقوا في سوريا في ظل هذه الأوضاع الصعبة. وهناك محاولات للاجتماع على أساس عشائري أو عائلي أو حتى حسب المخيم، فعلى سبيل المثال جرى تشكيل لجنة مخيم حمص، لكنها محاولات ضعيفة حتى الآن".
جوع في مخيم اليرموك
رغم السماح بالعودة إلى مخيم اليرموك، إلا أن العائلات العائدة لا يتجاوز عددها الألف، فنحو 20 في المئة من المخيم مدمر، و40 في المئة بيوته بحاجة لترميم، والخدمات ضعيفة.
ورغم افتتاح عدد من الفصائل الفلسطينية مقرات لها، إلا أن الوضع الأمني غير مستقر في المخيم، كما ينقل بعض من زاروه لـ"المجلة". وبعض القرارات الرسمية توحي بأن النظام قرر تحويل المخيم إلى حي من أحياء دمشق بما ينزع عنه هويته الفلسطينية، حسبما يرى مراقبون، وينفي النظام تلك التهم.